بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُهُمْ
رَوَى النَّسَائِيُّ
فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُمَا عَنِ
الْحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ عَقِيلَ بنَ أَبِي طَالِبٍ تَزَوَّجَ
امْرَأَةً فَقِيلَ لَهُ: بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينِ، فَقَالَ سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا تَزَوَّجَ
أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ لَهُ بَارَكَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَارَكَ فِيكَ".
بِالرَّفَاءِ أَيْ بِالإِصْلاَحِ، وَأَمَّا هَذِهِ الْجُمْلَةُ
"بِالرَّفَاءِ وَالْبَنِينِ" فَقَدْ نَصَّ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى
كَرَاهِيَّتِهَا.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَّأَ الإِنْسَانُ - أَيْ إِذَا تَزَوَّجَ -
قَالَ: "بَارَكَ اللهُ لَكَ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ".
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْبِنَاءِ بِزَوْجِهِ
رَوَى النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا
وَلْيَقُلْ: أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ،
وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ". خَيْرِ مَا
جُبِلَتْ عَلَيْهِ: أَيْ خَيْرِ الأَخْلاَقِ.
بَابُ مَا يَقُولُهُ عِنْدَ الْجِمَاعِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ
اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا
رَزَقْتَنَا، فَيُولَدُ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يُصِبْهُ الشَّيْطَانُ
أَبَدًا".
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا
أَوْ مَا أَشْبَهَهُ
أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَأَحْمَدُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ
الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي
حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ
كَانَ فِي حِفْظِ اللهِ وَفِي كَنَفِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي سِتْرِ
اللهِ حَيًّا وَمَيِّتًا". أَخْلَقَ أَيْ أَبْلَى، مَا أُوَارِي بِهِ:
أَسْتُرُ، أُخَبِّىءُ، أُخْفِي، وَارَاهُ: أَخْفَاهُ، الْكَنَفُ السِّتْرُ،
كَنَفُ اللهِ وَسِتْرُهُ مَعْنًى وَاحِدٌ جَرَى ذِكْرُهُ لِلتَّأْكِيدِ.
بَابُ مَا يَقُولُ لأَِخِيهِ إِذَا رَأَى عَلَيْهِ
ثَوْبًا جَدِيدًا
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:
أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ فِيهَا
خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَ: "مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ
الْخَمِيصَةَ؟" فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: "ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ".
فَأُتِيَ بِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ وَقَالَ: "أَبْلِي وَأَخْلِقِي". مَرَّتَيْنِ.
الْخَمِيصَةُ كِسَاءٌ أَسْوَدُ مُعَلَّمُ الطَّرَفَيْنِ وَيَكُونُ مِنْ
خَزٍّ أَوْ صُوفٍ، أَخْلَقَ أَيْ أَبْلَى.
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّياحِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَالطَّبَرَانِيُّ
وَأَبُو يَعْلَى عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ قَالَ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ
بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ". هَاجَتْ رِيحٌ أَيْ هَبَّتْ رِيحٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ
وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلاَ تَسُبُّوهَا
وَسَلُوا اللهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا".
قَوْلُهُ: "مِنْ رَوْحِ اللهِ" أَيْ رَحْمَةِ اللهِ بِعِبَادِهِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا
وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ
شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ".
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ
صَيِّبًا هَنِيئًا". اجْعَلْهُ صَيِّبًا هَنِيئًا أَيْ اجْعَلْ هَذَا
الْمَطَرَ صَيِّبًا قَوِيًّا هَنِيئًا أَيْ كَثِيرَ النَّفْعِ.
بَابُ تَلْقِينِ الْمَيِّتِ، وَمَا يُقَالُ عِنْدَ
حُضُورِ الْمَيِّتِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله".
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شُقَّ بَصَرُهُ
فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ
الْبَصَرُ. فَصَاحَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: لاَ تَدْعُوا عَلَى
أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى
مَا تَقُولُونَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَِبِي سَلَمَةَ
وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَأَخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي
الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ،
اللَّهُمَّ افْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ". وَأَخْلُفْهُ
فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ أَيِ احْفَظْ ذُرِّيَّتَهُ فِي
الْمُسْتَقْبَلِ، أَفْسَحَ لَهُ فِي قَبْرِهِ أَيْ وَسَّعَ لَهُ قَبْرَهُ.
بَابُ مَا يُقَالُ فِي تَدْلِيَةِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي قُبُورِهِمْ فَقُولُوا: بِسْمِ اللهِ
وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
تَدْلِيَةُ الْمَيِّتِ أَيْ إِنْزَالُهُ، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ نَتْبَعُ سُنَّةَ النَّبِيِّ فِي هَذَا
الْفِعْلِ.
بَابُ الاِسْتِرْجَاعِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ
رَوَى
مُسْلِمٌ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ:
إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي
مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْنِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ ءَاجَرَهُ اللهُ
تَعَالَى فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَهُ خَيْرًا مِنْهَا".
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ زِيَارَةِ الْقُبُورِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَه وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ بُرَيْدَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ فَكَانَ
قَائِلُهُمْ يَقُولُ: "السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلاَحِقُونَ".
وَمَعْنَى أَهْلِ الدِّيَارِ سَاكِنِيهَا.
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ:
"السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ
اللهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا
وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُسْلِمِينَ، يَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا
وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلاَحِقُونَ".
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِقُبُورِ الْمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ:
"السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ، يَغْفِرُ اللهُ لَنَا
وَلَكُمْ، أَنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالأَثَرِ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ
حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ وَالشَّدَائِدِ
رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَلِيِّ بنِ
أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَقَّانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ وَأَمَرَنِي إِنْ نَزَلَ
بِي كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَنْ أَقُولَهُنَّ: "لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ
الْكَريِمُ الْحَليِمُ، وَسُبْحَانَهُ وَتَبَارَكَ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". الْكَريِمُ هُوَ
الْكَثِيرُ الْخَيْرِ فَيَبْدَأُ بِالنِّعْمَةِ قَبْلَ الاِسْتِحْقَاقِ
وَيَتَفَضَّلُ بِالإِحْسَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثَابَةٍ، الْحَلِيمُ هُوَ
ذُو الصَّفْحِ وَالأَنَاةِ الَّذِي لاَ يَسْتَفِزُّهُ غَضَبٌ وَلاَ
عِصْيَانُ الْعُصَاةِ، وَالْحَلِيمُ هُوَ الصَّفُوحُ مَعَ الْقُدْرَةِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾. [سُورَةَ الْحَجِّ].
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: "إِذَا طَلَبْتَ حَاجَةً فَأَحْبَبْتَ أَنْ تَنْجَحَ
فَقُلْ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ
الْعَظِيمُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْحَلِيمُ
الْكَريِمُ، ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَغَيْرُهُمَا عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: "لاَ إِلهَ إِلاَّ
اللهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَريِمِ، لاَ إِلهَ
إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ"، ثُمَّ يَدْعُو. وَمَعْنَى حَزَبَهُ أَصَابَهُ وَاشْتَدَّ
عَلَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَه وَأَحْمَدُ
وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ: "اللهُ اللهُ رَبِّي
لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا". أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ هِيَ زَوْجَةُ
جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّيَّار، ثُمَّ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عَلِيٍّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
إِذَا رَاعَهُ شَىءٌ قَالَ: "اللهُ رَبِّي لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ وَالنَّسَائِيُّ فِي
الْكُبْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ:
"لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ
رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ
وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ".
وَرَوَى أَبُو
دَاوُدَ فِي السُّنَنِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دَعَوَاتُ
الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى
نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ
أَنْتَ". طَرْفَةَ عَيْنٍ: رَفَّةِ الأَهْدَابِ، شَأْنِي أَيْ حَالِي.
وَرَوَى
النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ سَعْدِ بنِ
أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْوَةُ ذِي النُّونِ الَّتِي دَعَا بِهَا فِي
بَطْنِ الْحُوتِ: لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ، لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ فِي كُرْبَةٍ إِلاَّ
اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ".
بَابُ الدُّعَاءِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ
رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ لِرَجُلٍ: أَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ
لأَدَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْكَ قُلْ: "اللَّهُمَّ اكْفِنِي
بِحَلاَلِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ".
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: قُولِي:
"اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ،
رَبَّنَا رَبَّ كُلِّ شَىءٍ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
وَالْقُرْءَانِ الْعَظِيمِ، أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَىءٌ
وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ
فَوْقَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىءٌ، اقْضِ عَنَّا
الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ". وَمَعْنَى قَوْلِهِ "أَنْتَ
الأَوَّلُ" أَنَّ اللهَ مَوْجُودٌ لاَ ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ وَلاَ شَىءَ
لاَ ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ إِلاَّ اللهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ »أَنْتَ
الآخِرُ« أَنَّ اللهَ مَوْجُودٌ لاَ نِهَايَةَ لِوُجُودِهِ، وَمَعْنَى
قَوْلِهِ »وَأَنْتَ الظَّاهِرُ« أَنَّ كُلَّ شَىءٍ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ
اللهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ »وَأَنْتَ الْبَاطِنُ« أَنَّ اللهَ احْتَجَبَ
عَنِ الأَوْهَامِ فَلاَ تُدْرِكُهُ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ أَهْلُ السُّنَّةِ
وَالْجَمَاعَةِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »وَأَنْتَ
الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ
شَىءٌ« أَنَّ اللهَ مَوْجُودٌ بِلاَ مَكَانٍ.
بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ
الْحِسَابِ، مُجْرِي السَّحَابِ، هَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزُمْهُمْ
وَزَلْزِلْهُمْ". سَرِيعَ الْحِسَابِ أَيِ الْمُجَازَاةِ، اهْزُمْهُمْ
وَزَلْزِلْهُمْ أَي اغْلِبْهُمْ وَرُدَّهُمْ خَاسِرِينَ.
وَرَوَى
أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَنَسٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ إِذَا غَزَا قَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَأَنْتَ نَصِيرِي
وَبِكَ أُقَاتِلُ". أَنْتَ عَضُدِي أَيِ الْمُعِينُ وَالنَّاصِرُ، وَأَنْتَ
نَصِيرِي أَيِ أَعِنِّي وَقَوِّنِي.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَافَ قَوْمًا
رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ
وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ
فِي نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ". وَمَعْنَى قَوْلِهِ
"كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا" أَيْ كَانَ إِذَا خَافَ الْخَوْفَ
الطَّبِيعِيَّ، وَلَيْسَ خَوْفَ الْجُبْنِ لأَِنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْهُ،
وَمَعْنَى قَوْلِهِ "نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ" نَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ
تُعِينَنَا عَلَيْهِمْ.