•سعدنا في (( ثقافة اليوم )) بمساهمة أديب عربي كبير ، له ثقله ومكانته في
الدرس النقدي والأدبي ، وله مساهماته المضيئة في تاريخ الأدب العربي من
خلال كتبه ومؤلفاته الكبيرة والكثيرة .
واحد من أبرز الأسماء المعنية بدراسة الأدب العربي وأوثق الأعناق التفاتاً
إلى التحليل التاريخي للأدب ، إنه الأستاذ الكبير د. محمد عبد المنعم خفاجي
، الذي ساهم بقصيدة شعرية قيمة كمرثية في سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد
الله بن باز رحمه الله رحمة واسعة . وقد كان تأخر نشر القصيدة ناجما عن
تأخر وصولها إلى هنا ، ونحن إذ نسعد بنشر هذه القصيدة نهنئ أنفسنا بأن
أديباً كبيرة كعبد المنعم خفاجي لا يزال بخير يواصل جهوده الحثيثة في الأدب
محللاً ودارساً ومبدعاً .
لم يمت من ذكره في العالمين *** لم يمت من اسمه في الخالدين
(ابن باز) الرائد البحرُ الذي قد *** ملأ الدنيا بزاد الصالحين
الإمام العالم الفذ الذي أثرى *** علوم العلماء الأولين
رائد الإفتاء بالصائب من حكم *** بدين الله رب العالمين
علّم بين شيوخ الأمة المستبحرين *** الصادقين الخاشعين
سعد الدين به مجتهداً بحّاثة *** بين الشيخ الباحثين
وقته للعلم للفتوى لحكم الشرع *** للإرشاد للمسترشدين
وله هيبة داع مرشد من بين *** أعلام الدعاة المرشدين
وله بين القضاة الحمد والذكر *** وتكريم الكرام الكاتبين
وفتاواه من المأثور والمنقول *** هزت ذا اللباب الفاقهين
عاش مفتي الشرع أعواماً طوالاً *** بل ومفتي الناس طراً أجمعين
وتراه الحسن البصري زهداً *** وابن عباس خشوعاً وابن سيرين
وتقول (ابن إياس) أو (شريكاً) *** بين مشهوري القضاة السالفين
ذكره شاع شمالاً وجنوباً *** بين أنحاء بلاد المسلمين
مسجد الله الحرام ازدهرت فيه *** دروس الشيخ بين الدارسين
كان نجماً ساطعاً وسط الدياجي *** كان ضوءاً باهراً للمدلجين
كان جيلاً بين أجيال كبار *** طالباً للعلم بين الطالبين
عن أساتيذ كرام أخذ العلم *** وأشياخ عظام صادقين
(ابن إبراهيم) قد فضله بين *** عديد الطالبين النابغين
قدوة كان لكل الناس علماً *** وتقي في الأتقياء العابدين
عاش للإسلام يسعى أبداً *** في الله سعي العالمين العاملين
رفع الشرع إلى أعلى مقام *** بجلال العلم والخلق المكين
كان فوق الأرض طوداً مشمخراً *** كان بين الشعب مأوى اللائذين
بيته الكهف الذي قد عزّ صرحاً *** وتسامى أملاً للآملين
الطريق الصعب كم ذلله وسط *** الليالي لجموع السالكين
عاش ما عاش عطوفاً أريحياً *** في عداد الكرماء المحسنين
ولكم زوّدنا أرفع زاد ذ *** بالهدى والحق والقول الرهين
عندما تسمعه تسمع سفراً *** ناطقاً بالصدق والفكر الثمين
غاب جسماً والنهى والروح لا ما غابتا *** عنا ولألاء الجبين
آه يا يوم بكيناه مهيباً *** وإماماً مصلحاً في المصلحين
وذكرنا علمه الشامخ نوراً *** وهدى للمتقين الذاكرين
وذرنا صوته صوت أبي *** رن في آذان كل السامعين
فعزاء يا منار المسلين *** وعزاء فيك صدقاً كل حين
أنت خلّفت تراثاً ليس يُنسى *** صار فينا فلق الصبح المبين
وفتاوى باهرات حجة للباحثين *** الغرّ والمجتهدين
وإذا أدى الأمانات نفيّ *** فجوار الله كنز المتقين
آه يا رمس سلامٌ وتحيات *** لشيخ العلماء الزاهدين
وإلى اللقيا بدار الحق في ساحة *** صدق زُخرفت للمؤمنين
فنم اليوم قرير العين في خير *** جوار أيها الشيخ الأمين
نم سعيداً هانئاً في مقعد الصدق *** وفي مرضاة رب العالمين
وعزاء يا إمام المسلمين *** وعزاءً فيه يبقى كل حين