قال :
( لقد أحسن تربيتي وكان إذا سمعني أخطئ في كلمة نهرني ، وعلمني النطق
السليم ، وكان يحكي لي كل مساء قصص الأنبياء والمرسلين ، ووقائع التاريخ
الإسلامي ، وقد اهتم بأخلاقي ، فما كان يدعني ألعب مع أقراني ممن كانوا على
خلق سيء ، وكنت إذا اعتدت عادة سيئة خلّصني منها ، وكان يأخذني معه دائماً
إلى زيارة رفاقه ، وكلهم على درجة عالية من الثقافة والاتزان فانتقلت من
مجالستهم إلى العادات الفاضلة الحسنة )
تحدث عن والده وكيف كان حريصاً على تربيته بالجلسات المسائية معه أو إشراكه
في الجلسات العلمية ، بمثل هذه التنشئة ، نؤسس جيلاً من القادة والعلماء ،
وقبل أن أفصح عن اسم صاحب الرواية وهو من بلاد الهند ومعروف لكل قارئ أحب
أن أذكر لكم ما ثمرة هذه التربية من قبل والده منذ الصغر …
كبُر هذا الطفل وأصبح داعياً مرموقاً يتجوّل في البلدان والأمصار
ثم أسس صحفاً كثيرة منها ( تاج ) و ( مسلم ) و ( الجمعة ) ملتزمة بمنهجه الإسلامي
وكلما صادرت حكومته صحيفة أسس أخرى
فكون جماعة من حوله يؤمنون بمنهجه وساعدوه في إصدار جريدة ( ترجمان القرآن ) تتحدث بلسان العصر عن قضايا الإسلام .
وتجاوز مرحلة الدعوة باللسان والقلم إلى مرحلة العمل وهو لا ينسى تلك
اللحظات التي كان يمكثها مع والده وهو صغير يحكي له قصص الأنبياء والمرسلين
وصبرهم فأدخل السجن وكان هذا الحدث سبب يقظة المسلمين في باكستان وبدأ
مسيرة التأليف فانتشرت كتبه في العالم وترجمت إلى الفارسية والعربية
والتركية
ولم يسكت عن الخطأ ، وبادر إلى النقد الهادف واعتُقل كثيراً وتعرض للتعذيب
ولكنه خرج منتصراً وجال في الأقطار الإسلامية وأصبح له في كل بلد حواريين
وأنصاراً يعكفون على مؤلفاته التي تجمع بين التفكير الإسلامي والواقع
المعاصر
فما حظى داعية إسلامي في عصرنا حظوة بالغة في انتشار مؤلفاته بلغات كثيرة مثله .
فمن هو هذا الرجل ؟؟
إنه الإمام أبو الأعلى المودودي ..
فكل هذا العطاء والتميّز في حياته وشخصيته وعطائه كان أصله بيتاً يحسن
إيواءه وعائلة أحسنت تربيته ، ووالداً صرف من وقته الكثير من أجل توجيه
ابنه وإرشاده ..
فهل لاحظتم ما أثر اللحظات القليلة التي يصرفها الآباء والأمهات مع أبنائهم عندما تكون هادفة ؟
وهل لاحظتم أثر ثقافة والده وعلمه على تربية ابنه وتميّزه ؟
وهل لاحظتم كيف كان يحرص أهله على أصدقائه وأقرانه منذ الصغر ، وهل لاحظتم كيف تعامل معه والده عندما كان يرى عنده عادة سيئة ؟
إنها لحظات سهلة وبسيطة في حياة كل طفل ، ولكن أثرها يبقى طوال حياته ..