(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصِّيَامِ، وَالصِّيَامُ هُوَ الإِمْسَاكُ
عَنِ الْمُفَطِّرَاتِ بِنِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ جَمِيعَ النَّهَارِ (يَجِبُ
صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ) بِرُؤْيَةِ عَدْلِ شَهَادَةٍ هِلالَ رَمَضَانَ
أَوْ بِاسْتِكْمَالِ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ يَوْمًا (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ
مُكَلَّفٍ) قَادِرٍ عَلَى الصَّوْمِ (وَلا يَصِحُّ) الصَّوْمُ (مِنْ
حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ) وَلا يَجُوزُ (وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ
وَيَجُوزُ الْفِطْرُ لِمُسَافِرٍ) قَبْلَ الْفَجْرِ (سَفَرَ قَصْرٍ) وَهُوَ
السَّفَرُ الطَّوِيلُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ عِصْيَانٌ لِلَّهِ تَعَالَى
(وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ) لَكِنْ إِنْ لَمْ يَشُقَّ
عَلَيْهِ فَإِتْمَامُ الصِّيَامِ أَفْضَلُ (وَلِمَرِيضٍ وَحَامِلٍ
وَمُرْضِعٍ يَشُقُّ عَلَيْهِمُ) الصَّوْمُ (مَشَقَّةً لاَ تُحْتَمَلُ)
كَالْمَشَقَّةِ الَّتِي تُبِيحُ التَّيَمُّمَ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ
فَيَجُوزُ لَهُمُ (الْفِطْرُ وَيَجِبُ عَلَيْهِمُ الْقَضَاءُ) لِلأَيَّامِ
الَّتِي أَفْطَرُوا فِيهَا (وَيَجِبُ) فِي صِيَامِ الْفَرْضِ
(التَّبْيِيتُ) لِلنِّيَّةِ بِإِيقَاعِهَا لَيْلا فِيمَا بَيْنَ غُرُوبِ
الشَّمْسِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ (وَالتَّعْيِينُ فِي النِّيَّةِ)
كَتَعْيِينِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ (لِكُلِّ يَوْمٍ) فَلا
يَكْفِي أَنْ يَنْوِيَ عَنِ الشَّهْرِ كُلِّهِ (وَ) يَجِبُ (الإِمْسَاكُ
عَنِ) الْمُفَطِّرَاتِ وَمِنْهَا (الْجِمَاعُ) وَهُوَ مُفْسِدٌ لِصِيَامِ
الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ (وَالاِسْتِمْنَاءُ وَهُوَ اسْتِخْرَاجُ
الْمَنِيِّ) من غَيْرِ جِمَاعٍ (بِنَحْوِ الْيَدِ) سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِهِ
أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ (وَالاِسْتِقَاءَةُ) فَمَنْ قَاءَ بِاخْتِيَارِهِ
بِنَحْوِ إِدْخَالِ إِصْبَعِهِ فِي فَمِهِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَشَرْطُ
الْفِطْرِ بِمَا مَرَّ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالتَّحْريِمِ مُتَعَمِّدًا
لا نَاسِيًا وَمُخْتَارًا لاَ مُكْرَهًا بِالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ (وَ)
يَجِبُ الإِمْسَاكُ (عَنِ الرِّدَّةِ) فَمَنِ ارْتَدَّ وَلَوْ لَحْظَةً فِي
النَّهَارِ بَطَلَ صَوْمُهُ (وَ) الإِمْسَاكُ (عَنْ دُخُولِ عَيْنٍ
جَوْفًا) فَمَنْ تَنَاوَلَ عَيْنًا أَيْ حَجْمًا فَدَخَلَتْ إِلَى جَوْفِهِ
مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ كَالْفَمِ وَالأَنْفِ مَعَ الْعِلْمِ
وَالتَّعَمُّدِ وَالاِخْتِيَارِ أَفْطَرَ (إِلاَّ) إِذَا ابْتَلَعَ
(رِيقَهُ الْخَالِصَ الطَّاهِرَ مِنْ مَعْدِنِهِ) فَإِنَّهُ لاَ يُفْطِرُ
وَمَعْدِنُ الرِّيقِ الْفَمُ وَأَمَّا مَنِ ابْتَلَعَ رِيقَهُ
الْمُخْتَلِطَ بِغَيْرِهِ مِنَ الطَّاهِرَاتِ أَوْ رِيقَهُ الْمُتَنَجِّسَ
فَإِنَّهُ يُفْطِرُ (وَ) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّوْمِ (أَنْ لاَ
يُجَنَّ) الصَّائِمُ (وَلَوْ لَحْظَةً وَأَنْ لاَ يُغْمَى عَلَيْهِ) أَيْ
أَنْ لا يَسْتَغْرِقَ إِغْمَاؤُهُ (كُلَّ الْيَوْمِ) بِخِلاَفِ مَنْ نَامَ
كُلَّ النَّهَارِ فَإِنَّ صِيَامَهُ صَحِيحٌ (وَلاَ يَصِحُّ) وَلا يَجُوزُ
(صَوْمُ) يَوْمَيِ (الْعِيدَيْنِ) الْفِطْرِ وَالأَضْحَى (وَأَيَّامِ
التَّشْرِيقِ) الثَّلاثَةِ الَّتِي تَلِي يَوْمَ عِيدِ الأَضْحَى (وَكَذَا)
لا يَصِحُّ وَلاَ يَجُوزُ صَوْمُ (النِّصْفِ الأَخِيرِ مِنْ شَعْبَانَ
وَيَوْمِ الشَّكِّ) وَهُوَ يَوْمُ الثَّلاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إِذَا
تَحَدَّثَ مَنْ لا يَثْبُتُ الصِّيَامُ بِشَهَادَتِهِمْ كَالنِّسَاءِ
وَالصِّبْيَانِ أَنَّهُمْ رَأَوْا هِلالَ رَمَضَانَ فِي لَيْلَتِهِ (إِلاَّ
أَنْ يَصِلَهُ بِمَا قَبْلَهُ) فَلا يَحْرُمُ صَوْمُ النِّصْفِ الأَخِيرِ
مِنْ شَعْبَانَ لِمَنْ وَصَلَهُ بِالنِّصْفِ بِأَنْ صَامَ الْخَامِسَ
عَشَرَ مِنْهُ (أَوْ) كَانَ صَوْمُهُ لِلنِّصْفِ الأَخِيرِ مِنْ شَعْبَانَ
(لِقَضَاءِ) أَيَّامٍ فَاتَتْهُ (أَوْ نَذْرٍ) كَأَنْ نَذَرَ صَوْمًا (أَوْ
وِرْدٍ) وَهُوَ مَا يُعْتَادُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا (كَمَنِ اعْتَادَ
صَوْمَ الإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ وَمَنْ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ
رَمَضَانَ وَلا رُخْصَةَ لَهُ فِي فِطْرِهِ) وَكَانَ إِفْسَادُهُ
لِلصَّوْمِ (بِجِمَاعٍ فَعَلَيْهِ الإِثْمُ وَالْقَضَاءُ) بَعْدَ الْعِيدِ
(فَوْرًا و) تَجِبُ عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ ظِهَارٍ) عَلَى الْفَوْرِ (وَهِيَ
عِتْقُ رَقَبَةٍ) أَيْ نَفْسٍ مَمْلُوكَةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ مُؤْمِنَةٍ
سَلِيمَةٍ عَمَّا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) أَنْ
يُعْتِقَ (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) وَيَنْقَطِعُ
التَّتَابُعُ بِإِفْطَارِ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرَيْنِ (فَإِنْ لَمْ
يَسْتَطِعِ) الصَّوْمَ (فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) أَوْ فَقِيرًا
(أَيْ تَمْلِيكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُدًّا) مِمَّا يَصِحُّ دَفْعُهُ
عَنْ زَكَاةِ الْفِطْرَةِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ
الْبَلَدِ) وَالْمُدُّ هُوَ مِلْءُ الْكَّفَيْنِ الْمُعْتَدِلَتَيْنِ.
(كِتَابُ الْحَجِّ)
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (يَجِبُ
الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ) وُجُوبًا مُوَسَّعًا فِإِنْ أَخَرَّ الْحَجَّ
بَعْدَ الاِسْتِطَاعَةِ ثُمَّ حَجَّ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ فَلا إِثْمَ
عَلَيْهِ فَيَجِبُ (فِي الْعُمُرِ مَرَّةً عَلَى الْمُسْلِمِ) فَلاَ
يُطَالَبُ الْكَافِرُ الأَصْلِيُّ بِأَدَائِهِمَا (الْحُرِّ) الْكَامِلِ
الْحُرِيَّةِ (الْمُكَلَّفِ) أَيِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ (الْمُسْتَطِيعِ
بِمَا يُوصِلُهُ) إِلَى مَكَّةَ (وَيَرُدُّهُ إِلَى وَطَنِهِ) مِنْ زَادٍ
وَمَا يَتْبَعُهُ (فَاضِلاً عَنْ دَيْنِهِ) أَيْ زَائِدًا عَلَيْهِ وَإِنْ
كَانَ مُؤَجَّلا (وَمَسْكَنِهِ) وَلَوْ كَانَ بِالأُجْرَةِ (وَكِسْوَتِهِ
اللائِقَيْنِ بِهِ وَ) أَنْ يَكُونَ فَاضِلا عَنْ (مُؤْنَةِ مَنْ) تَجِبُ
(عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ) مِنْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ فَقِيرَيْنِ
وَنَحْوِهِمْ (مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَّابِهِ) وَإِقَامَتِهِ (وَأَرْكَانُ
الْحَجِّ سِتَّةٌ) وَالرُّكْنُ مَا لاَ يَصِحُّ الْحَجُّ بِدُونِهِ وَلاَ
يُجْبَرُ بِالدَّمِ أَيْ لا يَسُدُّ مَسَدَّهُ ذَبْحُ شَاةٍ وَ(الأَوَّلُ
الإِحْرَامُ وَهُوَ) نِيَّةُ الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ بِـ(أَنْ يَقُولَ
بِقَلْبِهِ) مَثَلاً (دَخَلْتُ فِي عَمَلِ الْحَجِّ) إِنْ أَرَادَ الْحَجَّ
(أَوْ) فِي عَمَلِ (الْعُمْرَةِ) إِنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ (وَ) الثَّانِي
(الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ) وَلَوْ كَانَ مَارًّا فِيهَا لَمْ يَمْكُثْ أَوْ
كَانَ نَائِمًا فِيمَا (بَيْنَ زَوَالِ شَمْسِ يَوْمِ عَرَفَةَ) وَهُوَ
الْيَوْمُ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ (إِلَى فَجْرِ لَيْلَةِ
الْعِيدِ) وَ(الثَّالِثُ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَدُورَ
الْحَاجُّ حَوْلَ الْكَعْبَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بَعْدَ
مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَ(الرَّابِعُ السَّعْيُّ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ) يَبْدَأُ بِالصَّفَا وَيَنْتَهِي
بِالْمَرْوَةِ وَيَكُونُ السَّعْيُّ (مِنَ الْعَقْدِ إِلَى الْعَقْدِ)
وَالْعَقْدُ عَلاَمَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَوَّلِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
وَ(الْخَامِسُ الْحَلْقُ) وَهُوَ اسْتِئْصَالُ الشَّعَرِ بِالْمُوسَى (أَوِ
التَّقْصِيرُ) وَالْوَاجِبُ إِزَالَةُ ثَلاَثِ شَعَرَاتٍ وَيَدْخُلُ
وَقْتُهُ بَعْدَ مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَ(السَّادِسُ التَّرْتِيبُ
فِي مُعْظَمِ الأَرْكَانِ) فَيَجِبُ تَقْديِمُ الإِحْرَامِ عَلَى الْكُلِّ
وَتَأْخِيرُ الطَّوَافِ وَالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ عَنِ الْوُقُوفِ
بِعَرَفَةَ (وَهِيَ) أَيِ الأَرْكَانُ الْمَذْكُورَةُ (إِلاَّ الْوُقُوفَ)
بِعَرَفَةَ (أَرْكَانٌ لِلْعُمْرَةِ وَلِهَذِهِ الأَرْكَانِ فُرُوضٌ
وَشُرُوطٌ لا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهَا) حَتَّى يَكُونَ عَمَلُهُ
مَقْبُولاً عِنْدَ اللَّهِ (وَيُشْتَرَطُ لِلطَّوَافِ قَطْعُ مَسَافَةٍ)
حَدَّدَهَا الشَّرْعُ (وَهِيَ مِنَ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ إِلَى الْحَجَرِ
الأَسْوَدِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَمِنْ شُرُوطِهِ) أَيْضًا (سَتْرُ الْعَوْرَةِ
وَالطَّهَارَةُ) عَنِ الْحَدَثَيْنِ (وَأَنْ يَجْعَلَ الْكَعْبَةَ عَنْ
يَسَارِهِ) عِنْدَ طَوَافِهِ وَيَمْشِي إِلَى الأَمَامِ فَـ(لاَ
يَسْتَقْبِلُهَا وَلاَ يَسْتَدْبِرُهَا وَحَرُمَ عَلى مَنْ أَحْرَمَ)
بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ثَمَانِيَةُ أَشْيَاءَ الأَوَّلُ (طِيبٌ) أَيِ
التَّطَيُّبُ بِمَا تُقْصَدُ مِنْهُ رَائِحَتُهُ غَالِبًا كَالْمِسْكِ فِي
مَلْبُوسٍ أَوْ بَدَنٍ وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ لا
يَكُونَ نَاسِيًا وَلا مُكْرَهًا وَلا جَاهِلا بِالتَّحْرِيمِ وَهَذِهِ
الثَّلاثَةُ شَرْطٌ فِي سَائِرِ مُحَرَّمَاتِ الإِحْرَامِ (وَ) الثَّانِي
(دَهْنُ رَأْسٍ وَلِحْيَةٍ) بِمَا يُسَمَّى دُهْنًا سَوَاءٌ كَانَ
(بِزَيْتٍ أَوْ شَحْمٍ أَوْ شَمْعِ عَسَلٍ ذَائِبَيْنِ وَ) الثَّالِثُ
(إِزَالَةُ ظُفْرٍ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (وَ) إِزَالَةُ (شَعَرٍ) مِنْ
رَأْسٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) الرَّابِعُ (جِمَاعٌ وَمُقَدِّمَاتُهُ) مِنْ
لَمْسٍ وَمُعَانَقَةٍ بِشَهْوَةٍ (وَ) الْخَامِسُ (عَقْدُ النِّكَاحِ)
بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَلاَ يَصِحُّ
ذَلِكَ النِّكَاحُ (وَ) السَّادِسُ (صَيْدُ مَأْكُولٍ بَرِّيٍّ وَحْشِيٍّ)
فَلا يَحْرُمُ صَيْدُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَالْحَيَوَانِ الْبَحْرِيِّ
وَكُلِّ حَيَوَانٍ مُؤْذٍ بِطَبْعِهِ كَالْعَقْرَبِ (وَ) السَّابِعُ
أَنَّهُ يَحْرُمُ (عَلَى الرَّجُلِ) الْمُحْرِمِ (سَتْرُ) شَىْءٍ مِنْ
(رَأْسِهِ) بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا عُرْفًا (وَ) يَحْرُمُ (لُبْسُ مُحِيطٍ)
أَيْ مَا يُحِيطُ بِالْبَدَنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (بِخِيَاطَةٍ أَوْ
لِبْدٍ أَوْ نَحْوِهِ) وَاللِّبْدُ مَا يَتَلَبَّدُ مِنْ شَعَرٍ أَوْ صُوفٍ
بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ (وَ) الثَّامِنُ أَنَّهُ يَحْرُمُ (عَلَى) الْمَرْأَةِ
(الْمُحْرِمَةِ سَتْرُ وَجْهِهَا) بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا (وَ) لُبْسُ
(قُفَّازٍ) وَهُوَ شَىْءٌ يُعْمَلُ لِلْكَفِّ وَالأَصَابِعِ لِيَقِيهَا
الْبَرْدَ (فَمَنْ) كَانَ مُحْرِمًا ثُمَّ (فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ
الْمُحَرَّمَاتِ فَعَلَيْهِ الإِثْمُ وَالْفِدْيَةُ) وَهِيَ فِي الطِّيبِ
وَالدُّهْنِ وَلُبْسِ الْمُحِيطِ وَإِزَالَةِ الشَّعَرِ وَالأَظْفَارِ
وَمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَالْجِمَاعِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ
شَاةٌ أَوِ التَّصَدُّقُ بِثَلاثَةِ ءَاصُعٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ أَوْ
صَوْمُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ (وَيَزِيدُ الْجِمَاعُ) قَبْلَ التَّحَلُّلِ
الأَوَّلِ (بِالإِفْسَادِ) لِلنُّسُكِ (وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ فَوْرًا
وَإِتْمَامِ) النُّسُكِ (الْفَاسِدِ فَمَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ بِالْجِمَاعِ
يَمْضِي فِيهِ) وَيُتِمُّهُ (وَلاَ يَقْطَعُهُ ثُمَّ يَقْضِي فِي السَّنَةِ
الْقَابِلَةِ وَيَجِبُ) فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (أَنْ يُحْرِمَ مِنَ
الْمِيقَاتِ وَالْمِيقَاتُ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي عَيَّنَهُ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحْرِمَ) مُرِيدُ النُّسُكِ
(مِنْهُ كَالأَرْضِ الَّتِي تُسَمَّى ذَا الْحُلَيْفَةِ) وَهِيَ
الْمِيقَاتُ (لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ يَمُرُّ بِطَرِيقِهِمْ) مِنْ
غَيْرِ أَهْلِهَا (وَ) يَجِبُ (فِي الْحَجِّ) خَاصَّةً دُونَ الْعُمْرَةِ
(مَبِيتُ) الْحَاجِّ فِي أَرْضِ (مُزْدَلِفَةَ) وَنَعْنِي بِالْمَبِيتِ
هُنَا مُرُورُهُ فِي شَىْءٍ مِنْ أَرْضِهَا بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ
النَّحْرِ وَلَوْ لَحْظَةً وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَاجِبٌ (عَلَى
قَوْلٍ) وَسُنَّةٌ عَلَى قَوْلٍ (وَ) يَجِبُ الْمَبِيتُ (بِمِنًى)
وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مُعْظَمَ اللَّيْلِ أَيْ لَيْلَةَ
الْيَوْمِ الأَوَّلِ وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ خَرَجَ
مِنْهَا قَبْلَ غُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّانِي سَقَطَ عَنْهُ مَبِيتُ
وَرَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَاجِبٌ (عَلَى
قَوْلٍ) وَسُنَّةٌ عَلَى قَوْلٍ (وَ) يَجِبُ (رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ
يَوْمَ النَّحْرِ) بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بَعْدَ
مُنْتَصَفِ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَمْتَدُّ إِلَى ءَاخِرِ أَيَّامِ
التَّشْرِيقِ (وَ) يَجِبُ (رَمْيُ الْجَمَرَاتِ الثَّلاثِ أَيَّامَ
التَّشْرِيقِ) بَعْدَ الزَّوَالِ كُلَّ وَاحِدَةٍ سَبْعًا يَبْدَأُ
بِالْجَمْرَةِ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ (وَ) يَجِبُ (طَوَافُ
الْوَدَاعِ عَلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ) وَيُسَنُّ عَلَى قَوْلٍ
(وَهَذِهِ الأُمُورُ السِّتَّةُ) هِيَ وَاجِبَاتُ الْحَجِّ فَـ(مَنْ لَمْ
يَأْتِ بِهَا لا يَفْسُدُ حَجُّهُ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ إِثْمٌ
وَفِدْيَةٌ بِخِلاَفِ) مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ (الأَرْكَانِ الَّتِي
مَرَّ ذِكْرُهَا فَإِنَّ الْحَجَّ لا يَحْصُلُ بِدُونِهَا وَمَنْ
تَرَكَهَا) لا يَصِحُّ حَجُّهُ وَ(لا يَجْبُرُهُ دَمٌ أَيْ ذَبْحُ شَاةٍ
وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْحَرَمَيْنِ) حَرَمِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ (وَ)
قَطْعُ (نَبَاتِهِمَا) أَوْ قَلْعُهُ (عَلَى مُحْرِمٍ وَحَلاَلٍ وَتَزِيدُ
مَكَّةُ) عَلَى الْمَدِينَةِ (بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَلا فِدْيَةَ فِي
صَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَقَطْعِ نَبَاتِهَا وَ) حَدُّ (حَرَمِ
الْمَدِينَةِ مَا بَيْنَ جَبَلِ عَيْرٍ وَجَبَلِ ثَوْرٍ) وَتُسَنُّ
زِيَارَةُ قَبْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِإِجْمَاعِ الأَئِمَّةِ وَلا عِبْرَةَ بِمَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ.