فواز عبد العزيز اللعبون
هو الخطبُ .. ويل للزمان من الخطب *** سيُبني الزمان اليوم ما لم يكن يُنبي
فما غفلة الأحداث الا انتباهة *** وما بعدها إلا دليل على القرب
تمر خطوب الدهر عجلى سريعة *** وتمضي على آثارها لوعة القلب
ولكن خطباً يسلب الدين شخصه *** حرى بأن يبقى البيب بلا لب
تقول الصروف والسود إذ نالت المنى *** ظفرت فحسبي ما رزيتم به حسبي
فما غاية عندي أجل مصيبة *** من الرزء منقضا على الخلق كالعضب
إلى الله نشكو من رزايا زماننا *** مصاب تمادى في الإساءة والشغب
تهاوت ذرا الإسلام وانهد ركنها *** فرحماك بالإسلام رحماك يا ربي
غفلنا ولم نأخذ لذلك عدة *** وخلنا المنايا لا تصيب ولا تصبي
فلما دهانا الموت في خير والد *** ودوى صدى الناعين في الشرق والغرب
ذهلنا .. فمبهوت وآخر مطرق *** يخط حروف النعي في صفحة الترب
ومستجمع يرجو قواه صلابة *** تهاوى على جنب وأوفى على جنب
وباك توالى دمعه في انسكابه *** فما يلتقي جفناه من شدة السكب
ومصطبر يخفي الأسى في فؤاده *** ليظهر جلداً بين أهليه والصحب
رأى منهم ما كان اخفاه فانثنى *** يبوح بما أخفى ويشتد في الندب
ورحنا إلى السلوان نرجو عزاءه *** فعدنا وفي الوجدان كرب على كرب
عزاء عزاء قدر آمالنا التي *** توارت وقدر الضعف والحزن والرعب
فماذا عسى الأيام تخفي وراءها *** وقافلة الماضي حادت عن الدرب ؟
وكيف لركب حائر الرأي والخطا *** نجاة .. إذا الموت اصطفى قائد الركب ؟
سيمضي على أعقابه الركب هائما *** فكم سبع ضار سيسطو وكم ذئب
إذا الأب الحاني مضى لسبيله *** فمن لرقيقي العود في زمن صعب ؟
ألا أيها الماضي إلى خير وجهة *** مضيت إلى الرضوان والمنهل العذب
لتهنك دار الخلد دار إقامة *** نزلت بها بعد المحولة والجدب
ختمت مع التسعين آمال أمة *** وكانت مع الآمال في مرتع خصب
ترحلت عنها والمآسي محيطة *** بها ورحى الآلام دائرة القطب
ولم ترتحل إلا وطلعك باسق *** ومجك في الآفاق موف على لشهب
وحبك في كل القلوب مخيم *** فويلاه كم تشكو القلوب من الحب
إذا الله ألقى في قلوب عباده *** قبول امرئ فالحب ألو ما يسبي
وإلا فمن أجرى الدموع ؟ ومن أتى *** بتلك الجموع الدهم من واسع رحب ؟
أتوا ليسيروا خلف نعشك قبل أن *** يسيروا مع الأهواء حزبا على حزب
فلله هل أحسست نعشك سابحاً *** يجول على سيل من الدمع منصب؟
تهدهده الأمواج حينا وتارة *** تحط به فوق الأرائك والهضب
وهل سمعت أذناك صيحات جمعهم ؟ *** كأن نعي الموت داع إلى حرب
مضوا بك والأقوام بين مصدق *** وبين *****ف يجتذي سلوة الكذب
إلى غاية ما بعدها اليوم غاية *** يزيد بها همي ويدنوا لها نحبي
كأنك إذ واروك فيا للحد كوكب *** يلوح وإن غشاه جيش من الجحب
ووالله ما أهذي بذلك عابثا *** ولكن باب الفأل يدعو إلى العجب
مصابي عظيم في الإمام فخففوا *** ملامكم واستعتبوني من العتب
وقولوا إذا أودعتم جسمي الثرى *** قضيت ولم نعرف لدائك من طب
ويا زمني إن ألبسوك جنايتي *** فذلك ذنب من ذنوبك لا ذنبي