د. عبد الله محمد باشراحيل
رثاء في فقيد العلم والإسلام والمسلمين سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله واسكنه فسيح جناته .
لم تمت فيك ذكرانا إلى الأبد *** يا كوكب العلم بين المتن والسند
لبيت حقا نداء الحق في عجل *** بفرحة من شغاف القلب للأحد
وقد تخيرت في أم القرى نزلا *** فأنعم بها جيرة للبيت والبلد
يا أيها الشيخ أقيال وأفئدة *** جاءت تزفك أنفاس بلا عدد
هم في رياضك أنسام معطرة *** وهم صداك الذي يدعو إلى الصمد
هذي غراسك أحباب مشيعة *** وأنت بالطهر والأوراد والبرد
أخراك أحلى ودنيانا معربدة *** قد كنت فيها حكيم القوم بالرشد
وكنت تصطحب الأخيار في كرم *** وكم تحث رجال الخير بالمدد
لكم صحبناك عمرا في ضمائرنا *** وقد حفظناك حتى آخر الأمد
وكم بعثت مراسيلا على أمل *** يحيي الضعاف ويكفيهم من الأود
يا من بذلت من المعروف أثمنه *** وكنت تخفيه عن أهل وعن ولد
يا أيها الشيخ والأحباب ساهرة *** تبكي الرحيل ويبكي للفراق غدي
فقد يهون وللأيام تعزيه *** لكن فقدك قد أعيا على الجلد
أمطرت بالعطف تسقي جدب أنفسنا *** وكنت بالعلم ترياقا لكل صد
طبع القرى فيك إحسان وتأسية *** للمعدمين تداوي قلة المدد
وكنت للحق صوتا غير محتجب *** تذود بالشرع عن جهل وعن فند
بحكمة الدين تدعو غير محتذر *** ما خفت يوما ولا من هيبة الأسد
يا عالما كان ملء القلب ينظرنا *** ووالدا في حنان غير مقتصد
مجاهد في سبيل الحق يرفعه *** حب الإله عن الأوهام والنكد
وعازف عن بريق الأرض يطلبه *** وجاهد لنداء الحق في جلد
يا أيها الشيخ أيام الربيع مضت *** والأرض صارت مثار النقع والميد
أعداؤنا من بغاث الطير تمطرنا *** بوابل من رماح الحقد والحسد
تذيقنا الموت ما ضجت جوانحنا *** وكم شكا الصبر فينا حرقة الجسد
يا ألف مليون والإسلام يجمعنا *** كيف الشتاب ونار الثأر في الكبد
لكم دعا خادم البيتين من زمن *** لنصرة الحق في صدق ومعتقد
كيف الخلاص ودرب الحق تخذله *** عصابة من شرار الخلق بالرصد
يا أيها الشيخ والآمال تحملنا *** على جناحين من هم ومن كبد
يا أيها الشيخ فينا منك تذكرة *** تزودنا كلما ضقنا من الكسد
سر للجنان رحاب الخلد وارفة *** وانعم برحمة رب الخلق للأبد
تطوف عندك أطيار محلقة *** يشجيك تسبيحها في صوتها الغرد
يرضيك ربك بالحسنى على فنن *** هذا مناك وحسن في الختام ندي
واخلف لنا يا إلهي صادقا فطنا *** يزداد بالحق والأخلاق والرشد
وصلي ربي على خير الورى أبدا *** من جاء بالحق مرسولا من الصمد