للدكتور زاهر بن عواض الألمعي
•مرثية في فقيد الأمة الإسلامية والدنا سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد
الله بن باز – الذي وافاه الأجل يوم الخميس 27/1/1420هـ عن عمر يناهز
التسعين كلها حافلة بالخير والعطاء .
رحلت وباب الحزن للناس مشروع *** وجرح الأسى يفرى القلوب ويصدع
وكم للرزايا من جراح أليمة *** وجرحك في الأعماق أدهى وأوجع
ففي كل بيت مأتم ورزية *** وفي كل قطر حل خطيب مروّع
وعمت بلاد المسلمين انتحابة *** تغض بشجواها النفوس وتُجزع
دها الخطب ما في النفس من عزماتها *** فجاشت وما للصبر في النفس مروضع
وخارت قوى بالأمس كانت عنيدة *** ولو أنها تبنى القرار وتصنع
ولكن هو الخطب أقوى رزية *** وأبلغ في صدْع القلوب وأسرع
مقامك أغلى في النفوس مكانة *** وحبك بين الناس أسمى وأرفع
لأنك كالبدر الذي في سمائنا *** تضيء علوماً بالحقيقة تسْطع
وأنت الندى والحلم والعلم والتقى *** وأنت لدور العلم ركن ومرجع
وأنت لداعي الخير أذن مجيبة *** وأنت لداعي الشر تنى وتردع
وأنت لأرباب الحوائج ومقصد *** بما يسْبغ المولى عليك ويوسع
فكل يتيم في رحابك مؤْنس *** وكل فقير في جوارك يطمع
وكل جهول يجْتذي منك جدْوة *** تضيء له درب الرشاد وترفع
وإن حلَّ بين الناس شؤْم وفتنة *** فأنت الطبيب الماهر المتضلّع
صبور على اللأواء في كل موقف *** وتعرف ميزان الأمور وتبدع
رحلت وطلاب السماحة والنهى *** لهم منك نبراس يضيء ويلمع
رحلت فدار العز بعدك موحش *** ومكتبك الميمون ينعى ويفزع
ومسجدك المضياف قفر مكتم *** وهاتفك الآلي حزين مروّع
وقد كان لا يهدأ وصالاً ونجدة *** ويقرب من كفيك يدنو ويهرع
تواسي به المضطر علماً وحمة *** وتهدي به الحيرى وبالحق تصدع
وحولك كتاب كرام أفاضل *** وكلّ لما تمليه يصغي ويسمع
جُبلت على حب المكارم والنهى *** وأنت بفعل الخير للناس مولع
فيا راحلا والناس حولك هرّع *** لقد فقدوا الصبر الجميل وودّعوا
يسيح غزير الدمع في وجناتهم *** وأكبادهم من لوعة تتمزّع
ولو كانت الآجال تشري ثوابت *** إليك جموع تفتيدك وتسرع
ولكنها الآجال وعد محدد *** وكل لمثواه الأخير سيودع
جزاك الإله الحق عن كل مسلم *** ثوباً وأبقى علْمك الثّر ينفع
هنيئاً بما قدمته في حياتكم *** سيخلد في الأجيال كالغيث يمرع
فأنت الإمام الفذّ والعالم الذي *** به ترعوي مرضى القلوب وترجع
وإن عزاء المسلمين تراثكم *** وسيرتكم بالعلم تزهو وتنصع
وبعدك من يهدي الطريق بحكمه *** ويأسو جراح المسلمين ويجمع
يقوم على الفتيا فقيه مكرّم *** جليل وبالمعروف يسعى ويبدع
ألا إنه ( عبد العزيز ) وإنما *** له من تفانيمك حظوظ ومرجع
فيا غائباًَ عنّا وإن كنت حاضراً *** مآثرك الجلّى تلوح وتطلع
سلام عليك الدهر ما ذّر شارق *** وما سحّ من فقد الأحبّة مدمع