السبب الرئيسي
العجيب أن الحركات الإسلامية الوسطية مازالت هي الأخرى تتعامل مع الدعوة
النسائية من منطق الترف، حيث تقوم بإعداد أعداد رمزية من الداعيات النساء،
واللاتي يظل خطابهن في أحيان كثيرة نخبويا وموجها لمن هن داخل الإطار التنظيمي،
في حين لا تجد ملايين الأخريات من يعلمهن فرائض الوضوء.
وعلاوة على هذا كله، فإن هناك الكثير من الصعوبات والعراقيل والأشواك، تلك التي
تفترش دائما طريق الداعية إلى الله عز وجل، وإذا كان هذا الأمر بالنسبة للرجل،
فإن المشقة فيما يتصل بالمرأة التي تحمل على كاهلها مهمة الدعوة إلى الله عز
وجل تكون مضاعفة، في ظل مجتمعات ما زالت تجهل الكثير من حقائق دينها الحنيف.
الانشغال بأمور الحياة ومتاعبها التي لا تتوقف عند حد معين، هو السبب الرئيسي
في محدودية عدد الداعيات من النساء مقارنة بالرجال، فالمرأة عادة تجد نفسها
غارقة بصورة كاملة في شؤون المنزل المختلفة والوفاء باحتياجات الأبناء ومطالب
الزوج، وذلك في ظل عدم إدراك الكثير من الأزواج لضروروة أن يقوموا ـ اقتداء
بنيهم الكريم ـ بمساعدة أزواجهن، وأن يكونوا في مهنة أهلهن، وهو ما سيؤدي إذا
ما تحقق إلى إعطاء المرأة مساحة من الوقت التي يمكن أن تحمل خلالها راية الدعوة
إلى الله عز وجل.
"قليل من المعلومات كثير من الحركة" هو الشعار الذي يجب على كافة النساء الآن
رفعه للخروج من المأزق الراهن، والذي أدى لانسلاخ الكثير من الفتيات عن قيمهن
الإسلامية، وهو الأمر الذي يدفع المجتمع الآن ثمنه فادحا، في صورة انحلال وفساد
أخلاقي بالغ مرحلة مسبوقة من التدمير، ويهدد باقتلاع وجودنا في طريقه.
فعلى كل مسلمة تغار على دينها أن تقوم بالدعوة إلى الله، حتى ولو بقليل من
المعلومات، كما ينبغي أن تدرك أنه لا يشترط في الداعية أن تكون كاملة وعلى قدر
كبير جداً من المعلومات، فكل إنسان لديه العديد من القدرات والمعلومات التي
يمكن أن يستفيد منها الآخرين، فكل سيدة تدعو من حولها بما تعرفه أو بما عرفته،
وعملت به أو بما تعرفه ولم تعمل به، حتى تشجع نفسها والأخريات معها.
عدم وجود خلفية إسلامية كاملة هو السبب الذى تتوقف بسببه الكثير من النساء عن
الدعوة إلى الله عز وجل، وهو ما لا يمكن قبوله في ظل ثورة المعلومات التي تميز
العالم في الوقت الراهن، والتي يمكن للمرأة في ظلها أن تقوم بتثقيف نفسها،
مستفيدة في الوقت نفسه من خبرات علماء الدين والداعيات الأخريات، وحضور الندوات
والمحاضرات، وذلك حتى تسطيع أن تقوم بدورها الدعوي على أكمل وجه.
المؤسف أن الكثير من الداعيات المسلمات يؤكدن أن بنات جنسهن هن السبب الرئيسي
في عدم نجاحهن بصورة كاملة، حيث يتشككون في الحصول على المعلومة وتلقي النصيحة
من النساء، وهو الأمر الذي يجب على الداعيات أنفسهن أن يسعين إلى القضاء عليه
وتغييره من خلال عملهن المتواصل في أوساط النساء، وهو ما سيؤدي لثقتهن في قدرة
المرأة على العمل كداعية.
وهناك أيضا فساد البيئة التي تعمل فيها المرأة مثلاً، سواء كانت هذه البيئة:
مدرسة، أو مؤسسة، أو مستشفي، أو معهدًا.. أو غير ذلك، فإن البيئة إذا كانت بيئة
فاسدة فإنها تؤثر في نفسية المرأة، وتضغط عليها ضغطاً شديدًا.