بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الخلق أجمعين و على آله و صحبه أجمعين أما بعد:
إِنَّ أَعْظَمَ مَا يَرْجُوه المُسْلمُ وبهِ يَسعَد,وأَجَلُّ ما يَسعى في تحصِيلِه ويَحْفِد,هو مغفرة الإِلهِ الأَوحَد - عز وجل -.
وَ من رَحْمَتهِ وَمِنَتهِ أَنْ كَثَّر أسْبَابها, ويسَّرَ للْخَلْقِ
أَبْوَابَها, فَلا يَفْتَحُها إلَّا مَرْحُوم, وَلا يَزْهَدُ فِيها إلا
مَحْروم.
ومِن تِلكم الأسْبابِ مَا رَواهُ مُسْلمٌ في صحيحه عن سَعْد بنِ أبي وَقَّاصٍ عنْ رَسُول الله صَلَّى الله عَلْيه وسَلَّم قال :" مَنْ
قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ :وَأَنَا أََشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ
إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ
وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً
وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا. غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ ".
ـ فَقَد رَتَّبَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلى هَذَا الذِّكْر
فَضْلاً عَظِيماً يَرْجُوه كُلُّ مُسْلمٍ ويَبذُل الغَالي وَالنَّفِيسَ
لِتَحْصِيله فَيَنْبغِي إخْوَاني أَن نحْرِصَ عَلَيه َولا نَغْفَلَ.
وقد عد ابن القيم هذا الذكر من السنن الخمس الواردة في الأذان قال:"في
إجابة المؤذن خمس سنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتمل حديث عبد
الله بن عمرو على ثلاثة منها, والرابعة أن يقول ما رواه مسلم عن سعد بن أبي
وقاص[جلاء الأفهام 1 / 373]
فَائِدَةٌ فِقْهِيَةٌ: مَتَى يُقَال هَذَا الذِّكرُ؟
قدِ اخْتَلَفَ أهْلُ العِلْمِ فِي مَوضِع هَذَا الذِّكرِ :
ـ ذهب بعض أهل العلم أنَّه يقال بعد الأذان قال المباركفوري:"وهو يحتمل أن
يكون المراد به حين يسمع الأول أو الأخير وهو قوله آخر الأذان لا إله إلا
الله وهو أنسب ويمكن أن يكون معنى يسمع يجيب فيكون صريحا في المقصود وأن
الثواب المذكور مرتب على الإجابة بكمالها مع هذه الزيادة ولأن قوله بهذه
الشهادة في أثناء الأذان ربما يفوته الإجابة في بعض الكلمات الآتية كذا في
المرقاة " تحفة الأحوذي(1 /529) وبنحوه قال السندي في حاشيته على ابن ماجه.
ـ وذهب بعضهم أنه يقال بعد الشهادتين قال النَّووي [4/87] :" وفيه أنه
يستحب أن يقول بعد قوله وأنا أشهد أن محمداً رسول الله: رضيت بالله رباً
وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً ".
قال الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله - في الشرح الممتع:"
وفي أثناء الأذان إذا قال المؤذِّن: «أشهد أنْ لا إله إلا الله، أشهد أنَّ
محمداً رسولُ الله» وأجبته تقول بعد ذلك: «رضيت بالله رَبًّا وبالإسلام
ديناً وبمحمد رسولاً» كما هو ظاهر رواية مسلم حيث قال: «من قال حين سمع
النداء: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمداً رسول الله، رضيت
بالله رَبًّا وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً، غُفِرَ له ذَنْبه». في رواية
ابن رُمْح ـ أحد رجال الإسناد ـ: «من قال: وأنا أشهد». وفي قوله: «وأنا
أشهد» دليلٌ على أنه يقولها عقب قول المؤذِّن: «أشهد أنْ لا إله إلا الله»،
لأنَّ الواو حرف عطف، فيعطف قولَه على قولِ المؤذِّن. فإذاً؛ يوجد ذِكْرٌ
مشروع أثناء الأذان".
ـ ولما كان فقه الحديث لا يتم إلا بجمع طرقه كما قال الإمام أحمد :" الحديث اذا لم تجمع طرقه لم تفهمه والحديث يفسر بعضه بعضا"الجامع لأخلاق الراوي (2 /212)
فيتبين من خلال جمع طرق الحديث أن القول الثاني هو الراجح فقد روى ابن خزيمة في صحيحه[422] الحديث بلفظ:" من سمع المؤذن يتشهد فالتفت في وجهه فقال أشهد أن لا إله إلا الله" الحديث.
وقريب منه ما جاء في مستخرج أبي عوانة [771]
قال الشيخ الألباني:" وفيه هذه الزيادة التي تعين متى يقال هذا الدعاء وهو
حين يتشهد المؤذن. وهي زيادة عزيزة قلما توجد في كتاب فتشبث بها ".الثمر
المستطاب[ص183]
والله أعلم و أحكم.