إن المراهقة هي مرحلة خاصة يمر بها الإنسان وتحتاج إلى
عناية خاصة ، وتوجيه خاص ، ذلك أن مسيرة الإنسان (قد) تتحدد من خلال هذه
المرحلة ، فإن كانت هذه المرحلة موجهة بصورة صحيحة فإن أثر هذا التوجيه
سينعكس على بقية مراحل العمر ، إذاً كيف نتعامل بصورة إيجابية مع المراهقين
؟
غالباً ما ننظر إلى المراهق نظرة سلبية ، ننظر إليه من
خلال بعض الممارسات التي تتسم بها شخصية المراهق وهذه النظرة في حقيقة
الأمر ليست نظرة عادلة فليس كل مراهق يكون سلبياً في سلوكياته ، بل أن
البعض لم يعرف ما معنى المراهقة أصلاً .
سنوات المراهقة :
في البدء لابد لنا أن نعرف سنوات المراهقة ، ذلك أن
الكثير من الآباء يهملون هذا الجانب ويدعون أبناءهم يعيشون هذه السنوات دون
أي توجيه ، إن سنوات المراهقة يمكن حصرها في سني 13-18 سنة وقد تمتد إلى
سن 21 سنة ؛ إن معرفتنا بهذه السنوات تحتم علينا إن أردنا أن نبني مراهقاً
بناءً سليماً أن نبرمج هذه السنوات برمجة إيجابية ، يتخرج منها المراهق
بكفاءة ويكون فرداً صالحاً في مجتمعه .
سلوكيات المراهق :
إن لكل مرحلة من مراحل حياة الإنسان سلوكيات خاصة بها ، ومن أبرز سلوكيات المراهق :
العواطف الحساسة ، حب المغامرة ، العناد والتمرد ،
المزاجية المتقلبة ، والتصرفات المزعجة ، ولهذا يحتاج المراهقون في هذه
الفترة الحساسة من حياتهم إلى التوجيه والإرشاد بعد فهم ووعي هذه السلوكيات
، وذلك من أجل ضبط عواطفهم الحساسة ، وتعديل سلوكهم ، وتهذيب أنفسهم ، حتى
نحافظ عليهم من الانسياق المتطرف وراء رغباتهم ونزواتهم . نحن نحتاج إلى
برنامج يتسم بالهدوء والشفافية واللطافة ، بعيداً عن القسوة في التعامل
الذي لا ينتج عنه سوى المزيد من العناد والمزيد من الإصرار على الخطأ .
قواعد في فن التعامل مع المراهق :
1- زرع بذور الإيمان والتدين :
فالمراهق بحاجة إلى عملية تثقيف وإقناع بضرورة التدين
فهو صمام الأمان من الانزلاق في متاهات الرذيلة والانحراف ، ولهذا يتحتم
على الآباء القيام بزرع بذور الإيمان في نفوس أبنائهم عبر التثقيف الديني
وإجابة عن كل ما يدور بخاطرهم من استفسارات ، ودعوتهم لحضور المساجد ،
وقراءة القرآن وغيرها من ممارسات من شأنها أن تخلق الشخصية المتدينة .
2- التربية المتوازنة :
وهي التربية القائمة على قاعدة ( حزم بلين ) ، حيث أن
لكل موقف طريقته في التعامل ، فليس مطلوباً الحزم بصورة مطلقة وليس مطلوباً
اللين بصورة مطلقة أيضاً ، كما أن الإفراط في كلاهما لهما آثاره الوخيمة
على شخصية المراهق . كما أن التربية الناجحة هي التي تبدأ منذ الصغر ، وليس
حين يبلغ الطفل سن المراهقة ، يقول لقمان لابنه : « يا بني إن تأدبت
صغيراً انتفعت به كبيراً ».
3-الاهتمام الشامل :
المراهق يحتاج إلى اهتمام من نوع خاص ، وله متطلبات
خاصة ، ومن الخطأ أن نهتم بجانب دون آخر ، فلابد من الاهتمام بكل ما يتعلق
بشخصية المراهق ، فليس مطلوباً اهتمامنا بتوفير الجانب المادي فقط ؛ بل
لابد من توفير بقية الاحتياجات النفسية ، العقلية ، العاطفية ، والاجتماعية
.
4- الأسرة… القدوة :
فحين يكون الأب والأم ملتزمان بالتعاليم الدينية
وسيرتهما سيرة صالحة فإن الابن سيجدهما خير قدوة ، كما أن الأجواء الأسرية
حينما تكون مبنية على الوفاق والوئام والمحبة فإنها ستؤثر إيجابياً على
المراهق .
5- احترام المراهق :
حينما يجد المراهق أن شخصيته محترمة ، من خلال إشعاره
بأنه قد بلغ سناً يُعتمد عليه ، وأنه له الحق في التعبير عن رأيه ، وإشراكه
في بعض القضايا الأسرية ، وغيرها من سلوكيات تنمي فيه روحية الاحترام
وتشعره بأهميته فإن طاقاته ومواهبه وكفاءاته الكامنة ستتفجر فيما يخدم
المجتمع .
6- التثقيف الجنسي :
فلكي نحافظ على المراهق من الانحرافات الجنسية لابد من
ممارسة التثقيف الجنسي وفق الرؤية الإسلامية ، وذلك من خلال توضيح أهم
المسائل المتعلقة بالجنس كالمحرمات وخطورتها وما يتعلق بها من أمراض ،
وكذلك لابد من تعليمهم أهم المسائل الشرعية المتعلقة بهذا الجانب وفي هذه
الفترة كالغسل وما شابهه .
7- المراقبة من بعد :
إن مرحلة المراهقة بحاجة إلى مراقبة ومتابعة من قبل
الوالدين ، كي يضمنا أن والدهما يسير في الاتجاه الصحيح بعيداً عن كل ما من
شأنه أن يأخذ بيد المراهق إلى الاتجاه الآخر .
وأخيراً فإن مرحلة المراهقة تُعد من المراحل المفصلية
في حياة الإنسان وتقع المسئولية على الوالدين في تنشئة ولدهما تنشئة سليمة
وصحيحة ، وهذه العملية التربوية ليست عملية سهلة بل هي من العمليات الصعبة
التي تحتاج إلى حكمة وتجربة وتعلم أهم المبادئ في كيفية التعامل مع هذه
المرحلة . لذلك لابد للوالدين من التثقيف الذاتي في كيفية التعامل مع هذه
المرحلة عبر قراءة الكتب المختصة أو الانضمام إلى المراكز المتخصصة في هذا
الجانب .