* بيان أنواع البيوع الممنوعة :
منع رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ أنوعا ً من البيع لما فيها من الغرر المؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل و الغش المفضي إلى إثارة الأحقاد و النزاع و الخصومات بين المسلين ، و من ذلك :
1- بيع السلعة قبل قبضها : فلا يجوز للمسلم أن يشتري سلعة ثم يبيعها قبل قبضها ممن اشتراها منه ، قال رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ : ” إذا اشتريت شيئا ً فلا تبعه حتى تقبضه ” ، و قال رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ : ” من ابتاع طعاما ً فلا يبعه حتى يستوفيه ” ، قال ابن عباس رضي الله عنه : ” و لا أحسب كلَّ شيء ٍ إلا مثله ” .
2- بيع المسلم على المسلم : لا يجوز لمسلم أن يشتري أخوه المسلم بضاعة ً بخمسة مثلا ً ، فيقول له رُدَّها على صاحبها و أنا أبيعها لك بأربعة ، قال رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ : ” لا يَبع ْ بعضكم على بيع بعض ” .
3- بيع المحرم النجس : لا يجوز للمسلم أن يبيع محرما ً و لا نجسا ً و لا مفضيا إلى حرام ، فلا يجوز بيع خمر و لا صورة و لا صنم و لا عنب لمن يتخذه خمرا ً ، قال رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ : ” إن الله حرَّم َ بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الأصنام ” ، قال رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ : ” لعن الله المصورين ” ، و قال رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ : ” من حبس العنب أيام القطف حتى يبيعها من يهودي أو نصراني ، أو ممن يتخذها خمرا ً فقد تقحَّم َ النار على بصيرة ” .
4- بيع النجش : لا يجوز للمسلم أن يعطيَ في سلعة ٍ شيئا ً و هو لا يريد شراءها ، و إنما من أجل أن يقتدي به السوام فيغرر بالمشتري ، كما لا يجوز أن يقول لمن يريد شراءها : إنها مشتراة بكذا و كذا كاذبا ً ليغرر بالمشتري و سواء ٌ تواطأ مع صاحبها أم لا ، لقول ابن عمر _ رضي الله عنهما _ ” نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم _ عن النَّجَش ِ ” ، و قال رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ : ” و لا تناجشوا ” .
5- بيع الغرر : فلا يجوز بيع ُما فيه غرر فلا يجوز بيع سمك في الماء و لا صوف على ظهر شاة و لا جنين في بطن و لا لبن في ضرع ، قال رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ ” و لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر ” و قول ابن عمر رضي الله عنهما : ” نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يُباع َ تمرٌ حتى يُطعم أو صوفٌ على ظهر أو لبن ٌ في ضرع أو سمن في لبن ” ، و قال ابن عمر رضي الله عنهما أيضا ً : ” نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بيع الثمرة حتى تزهى ” قال : تحمر َّ ، و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا منع الله الثمرة فبم تستحل مال أخيك ” . كما قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : ” نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الملامسة و المنابذة في البيع ” و الملامسة هي لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو النهار و لا يقلبه و المنابذة هي أن ينبذ الرجل ثوبه و ينبذ الآخر ثوبه و يكون ذلك بيعهما من غير نظر و لا فحص و لا تقليب .
6- بيع بيعتين في بيعة : لا يجوز للمسلم أن يعقد في بيعة واحدة ، بل يعقد كل صفقة على حدة لما في ذلك من الإبهام المؤدي إلى أذية المسلم ، أو أكل ماله بدون حق .
و لعقد بيعتين في بيعة عدة صور : منها أن يقول له : بعتك الشيء بعشرة ٍ حالا ً ، أو بخمسة إلى أجل و يُمضي البيع ، و لم يبين له أي البيعتين أمضاها و منها أن يقول له : بعتك هذا المنزل مثلا ً بكذا على أن تبيعني كذا بكذا و منها أن يبيعه أحد شيئين مختلفين بدينار مثلا ً و يُمضي العقد و لم يعرف المشتري أي َّ الشيئين ْ قد اشترى ، لما رُوي عنه صلى الله عليه و سلم ” أنه نهى عن بيعتين في بيعة ” .
7- بيع العربون : لا يجوز للمسلم أن يبيع بيع عربون أو يأخذ العربون بحال ، لما رُوي عنه صلى الله عليه و سلم ” أنه نهى عن بيع العربون ” قال مالك في بيانه هو أن يشتري الرجل الشيء أو يكتري الدابة ثم يقول ” أعطيتم دينارا ً على أني إن تركت السلعة فما أعطيتك لك ” .
8- بيع ما ليس عنده : لا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة ليست عنده أو شيئا ً قبل أن يملكه لما قد يؤدِّي إليه ذلك من أذية البائع و المشتري في حال عدم الحصول على السلعة المبيعة و لذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” لا تبع ما ليس عندك ” و نهى عن بيع الشيء قبل قبضه .
9- بيع الديْن بالديْن : لا يجوز للمسلم أن يبيع ديْنا بديْن إذ هو في حكم بيع المعدوم بالمعدوم و الإسلام لا يجيز ذلك . و مثال ذلك : أن يكون لك على رجل قنطار بن ٍّ إلى أجل فتبيعه إلى آخر بمائة ريال إلى أجل . و مثال آخر : أن يكون لك على رجل شاة إلى أجل فلما يحل الأجل يعجز المدين عن أدائها لك ، فيقول لك : بعنيها بخمسين ريالا ً إلى أجل آخر ، فتكون قد بعته ديْنا ً بدين ٍو قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بيع الكالئ بالكالئ أي بيع الدين بالدين .
10- بيع العِينة : فلا يجوز للمسلم أن يبيع شيئا ً إلى أجل ، ثم يشتريه ممن باعه له بثمن أقل مما باعه به لأنه إذا باعه إياه بعشرة ، ثم اشتراه منه بخمسة يكون كمن أعطى خمسة إلى أجلٍ بعشرة ، و هذا عين ربا النسيئة المحرم بالكتاب و السنة و الإجماع و ذلك لقوله صلى الله عليه و سلم : ” إذا ضن َّ الناس بالدينار و الدرهم و تبايعوا بالعينة و اتبعوا أذناب البقر و تركوا الجهاد في سبيل الله ، أنزل الله بهم بلاء ً فلا يرفعه حتَّى يراجعوا دينهم ” و قالت امرأة ٌ لعائشة رضي الله عنها : إني قد بعت غلاما ً من زيد بن الأرقم بثمانمائة درهم نسيئة إلى أجل و إني اشتريته منه بستمائة درهم نقدا ، فقالت عائشة ُ رضي الله عنها : ” بئس ما اشتريت و بئس ما بعت ِ ، إنم جهاده مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بَطُل َ إلا أن يتوب ” .
11- بيع الحاضر للبادي : إذا أتى البادي أو الغريب عن البلد بسلعة يريد بيعها في السوق بسعر يومها لا يجوز للحضري ِّ أن يقول له : اترك السلعة عندي و أنا أبيعها لك بعد يوم أو أيام بأكثر من سعر اليوم ، و الناس في حاجة ٍ إلى تلك السلعة ، قال رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ : ” لا يَبع ْ حاضرٌ لبادٍ ، دعوا الناس يرزق الله ُ بعضَهم من بعض ” .
12- الشراء من الركبان : لا يجوز للمسلم أن يسمع بالسلعة قادمة إلى البلد فيخرج ليتلقاها من الركبان خارج البلد فيشتريها منهم هناك ، ثم َّ يُدخلها فيبيعها كما شاء ، لما في ذلك من التغرير بأصحاب السلعة و الإضرار بأهل البلد من تجار و غيرهم ، و لذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” لا تلقَّوا الركبان و لا يبع حاضرٌ لباد ٍ ” .
13- بيع المصَّراة : لا يجوز للمسلم أن يصري الشاة أو البقرة أو الناقة بمعنى يجمع لبنها في ضرعها أياما لِتُرى و كأنها حلوب ، فيرغب الناس في شرائها فيبيعها ، لما في ذلك من الغش و الخديعة ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” لا تصروا الإبل و الغنم ، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين ، بعد أن يحلبها ، إن رضيها أمسكها و إن سخطها ردَّها و صاعا ً من تمر ” .
14- البيع عند النداء الأخير لصلاة الجمعة : لا يجوز للمسلم أن يبيع شيئا ً أو يشتري و قد نوديَ لصلاة الجمعة النداء الأخير الذي يكون معه الإمام على المنبر ، قال الله تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيع ” .
15- بيع الثُّنيا : لا يجوز للمسلم أن يبيع شيئا ً و يستثني بعضه إلا أن يكون ما يستثنيه معلوما ً ، فإذا باع بستاني ٌّ منه نخلة أو شجرة غير معلومة ، لما في ذلك من الغرر المحرم و ذلك لقول جابر ” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة و المزابنة و الثُّنيا إلا أن تُعلم ” .