المرأة والدعوة
( المؤمن كالسراج ، أينما وضع أضاء ) ما أروع هذه العبارة المأثورة عن أحد
السلف في الدعوة إلى الله ، لكن الدعوة ليست مقصورة على الرجال فحسب ، بل
إن المرأة ينبغي أن يكون لها حظ وافر من ذلك ، فهي لا تعدوا أن تكون بنتاً
أو أختاً أو زوجة أو أماً ، فإن كانت بنتاً فهي تدعو والديها إن احتاجا إلى
ذلك ، بألطف أسلوب وأرق عبارة ، أسوة بأبينا إبراهيم عليه السلام لما دعا
أباه . وإن كانت أختاً فهي تدعو إخوتها . وإن كانت زوجة فإن زوجها أحق
بالدعوة من غيره . وإن كانت أماً فتدعو أولادها . وهذا لا يمنعها أن تكون
داعية في مكان آخر حيث وجدت ، فإن كانت معلمة دعت طالباتها وزميلاتها من
المعلمات ، وإن كانت طبيبة أو ممرضة أو موظفة في أي قطاع اجتهدت في دعوة
زميلاتها في العمل في الأوقات المناسبة ، دون انتظار النتائج ، لأن النتائج
أمرها إلى الله تعالى .
أما الوسائل والأساليب فهي كثيرة جداً ، والداعية الحكيم هو الذي ينوع في
أساليبه ووسائله المشروعة ، بحسب حالة المدعو ، وحسب ما هو متاح له ، وأهم
ذلك كله :
1 ـ القدوة الحسنة ، فما انتفع الناس بشيء في الداعي أعظم من انتفاعهم
بسلوكه وخلقه الحسن ، وصدقه في القول والفعل ، فالمعلمة التي تنهى طالباتها
عن النمص ـ مثلاً ـ وهي تفعله ، لن يكون لقولها أي تأثير ، بل سيكون مثار
سخرية وتندر ..
2 ـ ومن الوسائل المهمة والأساليب المؤثرة : الكلمة الطيبة ، والموعظة
الحسنة الصادرة من القلب ، وما خرج من القلب فإن يصل إلى القلب .
3 ـ ومن ذلك أيضاً الكتاب والشريط المناسبان ، لا سيما كتب الرقائق ،
والقصص المؤثرة التي تدعو إلى الفضيلة والسلوك الحسن ، فهي مفتاح للهداية
والتوبة .
4 ـ ومن ذلك : المشاركة في وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومجلات وإذاعة
وتلفاز على أن يقتصر في هذين الأخيرين بالنسبة للمرأة على الإعداد فقط ،
دون ظهور الصوت أو الصورة .
5 ـ ومن ذلك : الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة كالفاكس والإنترنت مع
الحذر مما فيه من الشرور ، والاستعانة بمن لهم خبرة في ذلك من الدعاة .
6 ـ ومن ذلك : الدعوة بالمراسلة ، وبإمكان الفتاة الحصول على عناوين
الفتيات عن طريق الدعاة المشهورين أو دور النشر الذين تصلهم يومياً مئات
الرسائل من سائر أنحاء الدنيا ، ويعجزون عن الرد عليها. أو عن طريق صفحات
التعارف في المجلات الهابطة . ويجب أن يقتصر دور الفتاة على مراسلة الفتيات
فقط من أجل توجيههن والأخذ على أيديهن ، وهذا المجال مجال رحب ، وأجمل
هدية يمكن أن تقدم عن طريق المراسلة هي الكتيب النافع ، والمطوية المفيدة ،
والشريط المؤثر .
7 ـ ومن ذلك : إقامة المسابقات النافعة ، لا سيما في الاجتماعات العائلية ونحوها ، ووضع جوائز مفيدة ومشجعة .
8 ـ ومن ذلك : إصدار المجلات الحائطية الدورية في المدارس والجامعات ،
ويفضل أن تكون أسبوعية ، حتى تُقرأ وتُـتابع ، أما موضوعاتها فتكون متنوعة
وشيقة ، ولا بأس بفتح المجال للطلاب للمشاركة فيها .
9 ـ ومن ذلك : العناية بإصدار النشرات المفيدة المختصرة ،
في المناسبات وغيرها ، على أن تكون بخط واضح ، وإخراج جيد . ولا بد من
عرضها على بعض أهل العلم لتصحيحها ، وضمان سلامتها من الأخطاء .
10 ـ ومن ذلك : العناية بلوحات الإعلانات في الأماكن النسائية ، وتنظيمها وتجديدها كلما جد جديد ، والدال على الخير كفاعلة .
11 ـ ومن ذلك : إلقاء الدروس والمحاضرات النسائية لمن لديها القدرة على ذلك ، لا سيما في كثير من الأماكن التي لا يدخلها الرجال .
12 ـ ومن ذلك : إعداد مظاريف شهرية تحتوي على كتيب وشريط ومطوية ونشرة ،
بعدد الإخوة والأخوات الأشقاء توزع عليهم في بداية كل شهر ، فالأقربون أولى
بالمعروف ، على أن يراعى في اختيار الكتيبات والأشرطة المناسبات المتكررة .
ويمكن التوسع في التوزيع ليشمل أكبر عدد من الأقارب ، أو حتى الجيران ..
13 ـ ومن ذلك : التعاون مع المؤسسات الدعوية ، كمكاتب الدعوة وتوعية
الجاليات ، والمؤسسات الخيرية الإغاثية ونحوها ، فهم بحاجة إلى العنصر
النسائي في الدعوة ..
14 ـ ومن ذلك : زيارة بعض الداعيات القديرات الأماكن النسائية العامة التي
يغلب على أجوائها اللهو والغفلة ، كمدن الملاهي ، والأسواق النسائية ونحوها
، ومناصحة النساء بالأساليب الحسنة ، وتوزيع المطبوعات الدعوية ، ولا تترك
هذه الأماكن لشياطين الإنس والجن ليجدوا فيها بغيتهم ، ويرفعوا فيها
رايتهم .
وهناك وسائل أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ، والمهم
هو الإخلاص والعمل ، فمتى ما أخلصت الداعية نيتها لله ، واستنارت بهدي
الله ، نفع الله بها وبارك في جهودها ، وحقق الخير على أيديها ، ومن قال
هلك الناس فهو أهلكهم ، والله الموفق .
منقول