..
"من وحي ما كتب عمر طاهر - بتصريف - المرأة الناجحة هي إمرأة وصلت لسقف ما
أما المرأة المميزة فهي التي لم تكتف بسقف واحد"
هي متلفهة دوما له
وكأنها تعرفه منذ الأمس فقط
هكذا أغلب الزوجات الرومنسيات
هي لا تمله ولا تتذكر له جارحة
أو هكذا تظن
لصبرها ظنت أنها تنسى بينما كان جراب الجروح يمتليء ويكاد يفيض
هو ملول .. مشغول .. ساخر .. إعتاد أن يجرح ويحصل على الصفح المستحق لبني جلدته من العرب
يحبها .. ولكن بطريقته .. وكالعادة هي طريقة مجهولة .. أو لا تلزمها
هي تنتظره لتتكلم .. تحكي وتناقش وترغب في عين تلاقيها باهتمام خارج فراش الزوجية
تواصل العيون حق مشروع لمن يعلم
فهو غذاء الأرواح
هو يستمع وعينه في الكمبيوتر .. في التلفزيون .. في الصحيفة
هناك نقطة حرجة في حياة الإنسان
عندما يصل لها ابن آدم يتعجب الناس لشدة ثورته وغضبه
تجد الهمسات والكلمات تدور حول معنى واحد "ما ياما فوت حاجات أكتر وأكبر من كده"
كما أسميها .. هي نقطة حرجة .. عندها يفور اللبن وينسكب ولا يسعه إناء الصبر مرة أخرى
ينتقد "رغيها" كالعادة
فلما سألته بتعجب ككل مرة: وهل أنا حالة عامة أم خاصة؟
كانت إجابته تقليدية متكررة، ولكن بأساليب مختلفة تناسب حالته المزاجية: كل الستات رغايين
قالت له بعصبية جديدة وعنف غير متوقع: أتعجب من تكرار التعبير وعدم المفارقة والإستغناء
أعلم أن الإنسان يفارق ما يكره
وأنت لا تفارق ولا تكف عن السخرية
خر صريعا لا يحري جوابا وأجتهد يرتضيها ككل مرة
بل أكثر
شعر بالنقطة الحرجة ولكن ذكائه لم يسعفه أن الآوان فات
وفار التنور
لم تعد تحتمل إهانة يتبعها إستظراف وسماجة
ولم تعد تبرر مقاطعة لهفتها وأفكارها بهذه الطريقة الفجة
الكلمة لا تُهين كثير من البشر
ولا تُنسَى لبعضا منهم
الكلمة المُهينة تمر من أذن البعض للأذن الأخرى وكأنها مرت بوعاء فارغ
ونفس الكلمة تجرح شيئا في نفس البعض الأخر
شيء غير قابل للإصلاح
إناء من الزجاج تكسر منه جزءا في كل مرة
وتعتقد بصلف أن اللصق يعيد له جماله ورونقه الأول
حسنا هو لا يفعل
أنت من فقدت النظر والحس
الصبر مغري على التمادي "هكذا حدثت نفسها بلوم"
مع أنهم في أصول الغزل قديما علموه أن الكلمة تصل لقلب المرأة مباشرة
وأن المرأة تحب بأذنها
لكن العيب أن السوق يعاني ندرة ذوي الألباب
........................................
تركته ولم تفارق
نزل ستار الصمت
بعد طول السخرية ومرور السنين والعشرة المقررة في كل كتب الشرق العتيق
لم تغضب .. فات أوان الغضب
ربما غضبت من نفسها وطول صبرها وتحملها لكنها وجدت نفسها لا تعتب عليه
فات أوان العتاب وتغيير الطباع
لم تفقد السيطرة على نظام حياتها وبالطبع لم تحرق قاطرتها بعد طول الصبر
نعم هي إمرأة تقدر مشاركة وليفها الحديث
وتحب مسامرته دون غيره من البشر
لكنها ليست مجرد إمرأة سفيهة كما يعبر لفظ "رغاية"
وكما رسمتها ثقافة ما قبل الحضارة بمنطقتنا العربية
هي زجاج مكسور ملصوق ولكنها في النهاية إنسان
يستطيع حساب الربح والخسارة في مسلسل الحياة
..........................................
فرغت طاقتها في أعمال المنزل المهينة
نعم هي مهينة رغم الإصرار التلقيني من قرون أنها واجب نسائي وسنة حسنة وثواب عظيم
أسخف المهام على الإطلاق هي الأعمال المنزلية
وكما أنهم أقنعوها عبر التلقين إن "الراجل يطفش والست تعشش"
أقنعوها أيضا بأن صبر المرأة يصلح للأشغال الشاقة المؤبدة
تعمل في البيت ويُسموها بطالة
تعمل في قراريط زوجها في الشمس والبرد ولا تُعد عمالة
وفي كلٍ لا تجني مرتب ولا تستحق الكلمة الحلوة ونظرة العين لغير غرض جسدي خالص
تعد سخرة .. لكنها سخرة حلال
أستعاضت عن رجل ساخر بقراءة تحدث فيها رجل آخر
حتى وإن كان الحديث بين عقلها ومداد قلم
واستعاضت عن اللحم والدم بالكتابة
وللعجب يبدو أن لها في الكتابة مهارة لم تدري بها يوما
عندما أفرغت مكنونات "رغيها" وتلك الأفكار التي تتدافع بعقلها على صفحات كراس
كانت الصفحات البيضاء أرحم من أقرب البشر
تفاهمت معها وتجاوبت وإحترمت رغيها المذموم في كل أدبيات البشر
أخرجت أدب نسائي .. هم يسمونه أدب نسائي .. لأن له طعم خاص
أدب يخرج عادة من القلب قبل أن ينقحه العقل
أدب يمتليء بالخيال الذي عجز الواقع عن إستيعابه
أدب يزخر بالصرخات المكتومة المغلفة بدانتيلا نسجتها يد الراهبات الصابرات في دير قديم لا يصل إليه صوت البشر
هو أدب الأمواج العالية التي تكسرت قصرا على الشطئآن
العجيب أن رغيها كان له صدى
الصرخات المكتومة كان لها معجبات ومعجبين
كسبت مما تكتب مالا
وفُتحت لها أبواب لم تكن تدري بوجودها حتى زمن قريب
كان لرغيها جمهور أفضل .. يُقدر .. يدفع .. يحترم
ربما لم يكن الجمهور الأقرب لقلبها ولم تسمع المديح ممن يعنيها مديحه
لكنه جمهور لم تضطر أن تذكره دوما - تلميحا وتصريحا - بأن كل رغاية هي امرأة تفتقد بشدة عشرة بني آدم
لـ عمر طاهر | مما قرأت