رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أُمِّ خَالِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:
أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ فِيهَا
خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَ: "مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ
الْخَمِيصَةَ؟" فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: "ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ".
فَأُتِيَ بِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ وَقَالَ: "أَبْلِي وَأَخْلِقِي". مَرَّتَيْنِ.
الْخَمِيصَةُ كِسَاءٌ أَسْوَدُ مُعَلَّمُ الطَّرَفَيْنِ وَيَكُونُ مِنْ
خَزٍّ أَوْ صُوفٍ، أَخْلَقَ أَيْ أَبْلَى.
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّياحِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَالطَّبَرَانِيُّ
وَأَبُو يَعْلَى عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ قَالَ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ
بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ". هَاجَتْ رِيحٌ أَيْ هَبَّتْ رِيحٌ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ
وَتَأْتِي بِالْعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلاَ تَسُبُّوهَا
وَسَلُوا اللهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذُوا بِهِ مِنْ شَرِّهَا".
قَوْلُهُ: "مِنْ رَوْحِ اللهِ" أَيْ رَحْمَةِ اللهِ بِعِبَادِهِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا
وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ
شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ".
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ قَالَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ
صَيِّبًا هَنِيئًا". اجْعَلْهُ صَيِّبًا هَنِيئًا أَيْ اجْعَلْ هَذَا
الْمَطَرَ صَيِّبًا قَوِيًّا هَنِيئًا أَيْ كَثِيرَ النَّفْعِ.
بَابُ تَلْقِينِ الْمَيِّتِ، وَمَا يُقَالُ عِنْدَ
حُضُورِ الْمَيِّتِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله".
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أُمِّ
سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شُقَّ بَصَرُهُ
فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ
الْبَصَرُ. فَصَاحَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: لاَ تَدْعُوا عَلَى
أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى
مَا تَقُولُونَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَِبِي سَلَمَةَ
وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَأَخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي
الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ،
اللَّهُمَّ افْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ". وَأَخْلُفْهُ
فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ أَيِ احْفَظْ ذُرِّيَّتَهُ فِي
الْمُسْتَقْبَلِ، أَفْسَحَ لَهُ فِي قَبْرِهِ أَيْ وَسَّعَ لَهُ قَبْرَهُ.
بَابُ مَا يُقَالُ فِي تَدْلِيَةِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي قُبُورِهِمْ فَقُولُوا: بِسْمِ اللهِ
وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
تَدْلِيَةُ الْمَيِّتِ أَيْ إِنْزَالُهُ، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ نَتْبَعُ سُنَّةَ النَّبِيِّ فِي هَذَا
الْفِعْلِ.
بَابُ الاِسْتِرْجَاعِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ
رَوَى
مُسْلِمٌ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ:
إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي
مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْنِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ ءَاجَرَهُ اللهُ
تَعَالَى فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَهُ خَيْرًا مِنْهَا".
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ زِيَارَةِ الْقُبُورِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَه وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ بُرَيْدَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ فَكَانَ
قَائِلُهُمْ يَقُولُ: "السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلاَحِقُونَ".
وَمَعْنَى أَهْلِ الدِّيَارِ سَاكِنِيهَا.
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ:
"السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ
اللهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا
وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُسْلِمِينَ، يَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا
وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلاَحِقُونَ".
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِقُبُورِ الْمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ:
"السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْقُبُورِ، يَغْفِرُ اللهُ لَنَا
وَلَكُمْ، أَنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالأَثَرِ". قَالَ التِّرْمِذِيُّ
حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ وَالشَّدَائِدِ
رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَلِيِّ بنِ
أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَقَّانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ وَأَمَرَنِي إِنْ نَزَلَ
بِي كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَنْ أَقُولَهُنَّ: "لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ
الْكَريِمُ الْحَليِمُ، وَسُبْحَانَهُ وَتَبَارَكَ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". الْكَريِمُ هُوَ
الْكَثِيرُ الْخَيْرِ فَيَبْدَأُ بِالنِّعْمَةِ قَبْلَ الاِسْتِحْقَاقِ
وَيَتَفَضَّلُ بِالإِحْسَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثَابَةٍ، الْحَلِيمُ هُوَ
ذُو الصَّفْحِ وَالأَنَاةِ الَّذِي لاَ يَسْتَفِزُّهُ غَضَبٌ وَلاَ
عِصْيَانُ الْعُصَاةِ، وَالْحَلِيمُ هُوَ الصَّفُوحُ مَعَ الْقُدْرَةِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾. [سُورَةَ الْحَجِّ].
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: "إِذَا طَلَبْتَ حَاجَةً فَأَحْبَبْتَ أَنْ تَنْجَحَ
فَقُلْ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ
الْعَظِيمُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْحَلِيمُ
الْكَريِمُ، ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ
وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَغَيْرُهُمَا عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: "لاَ إِلهَ إِلاَّ
اللهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَريِمِ، لاَ إِلهَ
إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ
الْعَظِيمِ"، ثُمَّ يَدْعُو. وَمَعْنَى حَزَبَهُ أَصَابَهُ وَاشْتَدَّ
عَلَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَه وَأَحْمَدُ
وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ: "اللهُ اللهُ رَبِّي
لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا". أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ هِيَ زَوْجَةُ
جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّيَّار، ثُمَّ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عَلِيٍّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
إِذَا رَاعَهُ شَىءٌ قَالَ: "اللهُ رَبِّي لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ وَالنَّسَائِيُّ فِي
الْكُبْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ:
"لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ
رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ
وَرَبُّ الأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ".
وَرَوَى أَبُو
دَاوُدَ فِي السُّنَنِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دَعَوَاتُ
الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى
نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ
أَنْتَ". طَرْفَةَ عَيْنٍ: رَفَّةِ الأَهْدَابِ، شَأْنِي أَيْ حَالِي.
وَرَوَى
النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَأَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ سَعْدِ بنِ
أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْوَةُ ذِي النُّونِ الَّتِي دَعَا بِهَا فِي
بَطْنِ الْحُوتِ: لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الظَّالِمِينَ، لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ فِي كُرْبَةٍ إِلاَّ
اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ".
بَابُ الدُّعَاءِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ
رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ لِرَجُلٍ: أَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلٍ
لأَدَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْكَ قُلْ: "اللَّهُمَّ اكْفِنِي
بِحَلاَلِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ".
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: قُولِي:
"اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ،
رَبَّنَا رَبَّ كُلِّ شَىءٍ مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
وَالْقُرْءَانِ الْعَظِيمِ، أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَىءٌ
وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ
فَوْقَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىءٌ، اقْضِ عَنَّا
الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ". وَمَعْنَى قَوْلِهِ "أَنْتَ
الأَوَّلُ" أَنَّ اللهَ مَوْجُودٌ لاَ ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ وَلاَ شَىءَ
لاَ ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ إِلاَّ اللهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ »أَنْتَ
الآخِرُ« أَنَّ اللهَ مَوْجُودٌ لاَ نِهَايَةَ لِوُجُودِهِ، وَمَعْنَى
قَوْلِهِ »وَأَنْتَ الظَّاهِرُ« أَنَّ كُلَّ شَىءٍ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ
اللهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ »وَأَنْتَ الْبَاطِنُ« أَنَّ اللهَ احْتَجَبَ
عَنِ الأَوْهَامِ فَلاَ تُدْرِكُهُ. وَقَدِ اسْتَدَلَّ أَهْلُ السُّنَّةِ
وَالْجَمَاعَةِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »وَأَنْتَ
الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ
شَىءٌ« أَنَّ اللهَ مَوْجُودٌ بِلاَ مَكَانٍ.
بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ
أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ
الْحِسَابِ، مُجْرِي السَّحَابِ، هَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزُمْهُمْ
وَزَلْزِلْهُمْ". سَرِيعَ الْحِسَابِ أَيِ الْمُجَازَاةِ، اهْزُمْهُمْ
وَزَلْزِلْهُمْ أَي اغْلِبْهُمْ وَرُدَّهُمْ خَاسِرِينَ.
وَرَوَى
أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَنَسٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ إِذَا غَزَا قَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَأَنْتَ نَصِيرِي
وَبِكَ أُقَاتِلُ". أَنْتَ عَضُدِي أَيِ الْمُعِينُ وَالنَّاصِرُ، وَأَنْتَ
نَصِيرِي أَيِ أَعِنِّي وَقَوِّنِي.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَافَ قَوْمًا
رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ
وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ
فِي نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ". وَمَعْنَى قَوْلِهِ
"كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا" أَيْ كَانَ إِذَا خَافَ الْخَوْفَ
الطَّبِيعِيَّ، وَلَيْسَ خَوْفَ الْجُبْنِ لأَِنَّهُ مَعْصُومٌ مِنْهُ،
وَمَعْنَى قَوْلِهِ "نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ" نَطْلُبُ مِنْكَ أَنْ
تُعِينَنَا عَلَيْهِمْ.
بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الْغَضَبِ
رَوَى
مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ صُرَدٍ
قَالَ: اسْتَّبَ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَّرُ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ
أَوْدَاجُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِنِّي لأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ،
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". الاِسْتِعَاذَةُ
مَعْنَاهَا أَسْتَجِيرُ بِاللهِ لِيَحْفَظَنِي مِنَ الشَّيْطَانِ،
وَمَعْنَى الرَّجِيمِ الْمَرْجُومُ وَالرَّجْمُ الْقَتْلُ وَأَصْلُهُ
الرَّمْيُّ بِالْحِجَارَةِ وَهُنَا مَعْنَاهُ الْمَلْعُونُ.
بَابُ الدُّعَاءِ بِتَثْبِيتِ الْقَلْبِ عَلَى
طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ
رَوَى مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ،
وَعِنْدَ غَيْرِهِمَا: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى
دِينِكَ".
بَابُ مَا يُقَالُ عِنْدَ وَسْوَسَةِ الصَّدْرِ
قَالَ
تَعَالَى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ
بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [سُورَةَ فُصِّلَتْ/ 36].
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: "يَأْتِي الْعَبْدَ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا
وَكَذَا، حَتَّى يَقُولَ لَهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا
بَلَغَ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلْيَنْتِهِ".
مَعْنَاهُ لِيَنْشَغِلْ عَنْ هَذَا الْخَاطِرِ وَلاَ يَسْتَرْسِلْ فِيهِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَيْضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ
يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللهُ عَزَّ
وَجَلَّ خَلَقَ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللهَ تَعَالَى، فَإِذَا وَجَدَ
أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَقُلْ: ءَامَنْتُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعِنْدَ
مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا: فَلْيَقُلْ: ءَامَنْتُ بِاللهِ
عَزَّ وَجَلَّ وَبِرُسُلِهِ".
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمُبْتَلَى
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَأَى مُبْتَلَى
فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَى هَذَا بِهِ
وَفَضَّلَنِي عَلَيْهِ وَعَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً،
عَافَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْبَلاَءِ كَائِنًا مَا كَانَ".
بَابُ مَا جَاءَ فِي رُقْيَةِ الْمَرِيضِ
وَمَا يُقَالُ إِذَا عَادَهُ
رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ
عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "بِسْمِ اللهِ
أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ حَسَدِ حَاسِدٍ، وَمِنْ كُلِّ
عَيْنٍ، وَاسْمُ اللهِ يَشْفِيكَ". أَرْقِيكَ أَيْ رَقَيْتُكَ، عَوَّذْتُكَ
بِاللهِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه
وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ: اشْتَكَيْتَ يَا
مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: "بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ
مَا يُؤْذِيكَ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ وَعَيْنٍ، اللهُ يَشْفِيكَ،
بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ
قَالَ: "أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي،
اشْفِ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا"، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْهَا
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا عَادَ
مَرِيضًا مَسَحَ وَجْهَهُ وَصَدْرَهُ بِيَدِهِ وَقَالَ: "أَذْهِبِ
الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ
شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا". عَادَ مَرِيضًا أَيْ زَارَهُ،
وَمَعْنَى أَذْهِبِ الْبَأْسَ أَيْ أَذْهِبِ الْمَرَضَ، لاَ يُغَادِرُ
سَقَمًا مَعْنَاهُ شِفَاءً تَامًّا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ
وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَنَّ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
قَالَتْ: ابْنَ أَخِي أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقَيَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: "بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ وَاللهُ
يَشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ، أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ
وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لاَ شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ". أَنْتَ الشَّافِي
أَيْ خَالِقُ الشِّفَاءِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
إِذَا اشْتَكَى الإِنْسَانُ الشَّىءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قُرْحَةٌ
أَوْ جُرْحٌ قَالَ النَّبِيُّ بِاصْبَعِهِ هَكَذَا. وَوَضَعَ أَبُو بَكْرٍ
سَبَّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا وَقَالَ: "بِسْمِ اللهِ تُرْبَةُ
أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا تُشْفِي سَقِيمَنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا".
وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: »أَخَذَ تُرَابًا فَجَعَلَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ
ثُمَّ جَعَلَهُ عَلَيْهِ«. الْقَرْحُ بِالْفَتْحِ الْجِرَاحُ وَالْقُرْحُ
بِالضَّمِّ أَلَمُ الْجِرَاحِ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ
وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَنْ دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ فَقَالَ: أَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ رَبَّ
الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يُعَافِيَكَ، إِلاَّ عُوفِيَ مَا لَمْ يَحْضُرْ
أَجَلُهُ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ
وَغَيْرُهُمْ عَنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي الْعَاصِ أَنَّهُ شَكَا إِلَى
رَسُولِ اللهِ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ضَعْ يَدَكَ عَلَى
الَّذِي يَأْلَمُ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ: بِسْمِ اللهِ ثَلاَثًا، وَقُلْ
سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ
وَأُحَاذِرُ"، وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَه وَغَيْرِهِ: "بِسْمِ اللهِ أَعُوذُ
بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ سَبْعَ مَرَّاتٍ".
الْحَذَرُ وَالْحِذْرُ التَّحَرُّزُ.
بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَدِرَتْ رِجْلُهُ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ
بنِ سَعْدٍ قَالَ: خَدِرَتْ رِجْلُ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ:
اذْكُرْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيْكَ فَقَالَ: "يَا مُحَمَّدُ". وَمَعْنَى
يَا مُحَمَّدُ أَيْ تَوَجَّه يَا مُحَمَّدُ إِلَى اللهِ لِيُذْهِبَ عَنِّي
هَذَا الشَّلَلَ. وَمَا حَصَلَ مِنْ هَذَا الصَّحَابِيِّ الْجَلِيلِ ابْنِ
عُمَرَ الَّذِي قَالَ عَنْهُ الرَّسُولُ: "إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ"،
دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الاِسْتِغَاثَةِ بِالأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ
لأَِنَّ قَوْلَهُ: يَا مُحَمَّدُ اسْتِغَاثَةٌ وَيُسَمَّى ذَلِكَ
تَوَسُّلاً أَيْضًا.
وَرَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ
الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِنَحْوِهِ بِغَيْرِ سَنَدِ الْبُخَارِيِّ
وَفِيهِ: "فَقَالَ: يَا مُحَمَّدَاهُ، فَقَامَ فَمَشَى".
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا رَأَى فِي مَنَامِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ
رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الرُّؤْيَا
الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، وَالرُّؤْيَا السُّوءُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ
رَأَى رُؤْيَا فَكَرِهَ مِنْهَا شَيْئًا فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ
ثَلاَثًا وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا لاَ
تَضُرُّهُ وَلاَ يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً
فَلْيَسْتَبْشِرْ وَلاَ يُخْبِرْ بِهَا إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ"، وَفِي
رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا رَأَى
أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثًا
وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مَنَ الشَّيْطَانِ ثَلاَثًا، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ
جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ". النَّفْثُ شَبِيهٌ بِالنَّفْخِ وَهُوَ
أَقَلُّ مِنَ النَّفْخِ، فَلْيَسْتَبْشِرْ أَيْ يَرْجُو خَيْرَهَا
وَيُؤَمِّلُ خَيْرًا، وَلْيَتَحَوَّلْ أَيْ يَنْتَقِلْ.
بَابُ الاِسْتِخَــــارَةِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ جَابِرِ بنِ
عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ كَمَا يُعَلِّمُنَا
السُّورَةَ مِنَ الْقُرْءَانِ يَقُولُ: "إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ
فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ
وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ
وَتَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ
كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي
وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَءَاجِلِهِ فَاقْدِرْهُ لِي
وَيَسِّرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ شَرًّا لِي فِي
دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ فِي عَاجِلِ أَمْرِي
وَءَاجِلِهِ فَاصْرِفُهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدِرْ لِيَ
الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ وَرَضِّنِي بِهِ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ بِاسْمِهَا".
عَاقِبَةُ كُلِّ شَىءٍ ءَاخِرُهُ، عَاجِلِ أَمْرِي وَءَاجِلِهِ أَيْ
حَاضِرِ أَمْرِي وَمُسْتَقْبَلِهِ مَا أَحْتَاجُهُ الآنَ وَمَا أَحْتَاجُهُ
فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَاقْدِرْهُ لِي أَيْ يَسِّرْهُ لِي، وَرَضِّنِي
بِهِ أَيِ اجْعَلْنِي مِمَّا يَقْنَعُ بِذَلِكَ وَلاَ يَعْتَرِضُ،
اجْعَلْنِي رَاضِيًا بِهِ.
بَابٌ فِيمَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَا أَمَرَ أَنْ يُسْتَعَاذَ مِنْهُ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ حُلُولِ الْبَلاَءِ وَمِنْ دَرْكِ
الشَّقَاءِ وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ". وَمَعْنَى دَرْكِ الشَّقَاءِ أَنْ
يَلْحَقَنِي الشَّقَاءُ، وَمَعْنَى وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ أَيِ اكْفِنِي
شَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا
عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ".
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو
دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: "اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ،
وَفَجْأَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ". وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ أَيْ
ذَهَابِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ نِقْمَتِكَ أَيْ نُزُولِ الْبَلاَءِ
فَجْأَةً.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ
وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ
مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ،
اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنَ الْخَطَايَا بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ،
اللَّهُمَّ أَنْقِ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ
الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ
خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ
وَالْمَغْرَمِ". نَقِيَ الشَّىءُ بِالْكَسْرِ نَقَاوَةً بِالْفَتْحِ فَهُوَ
نَقِيٌّ أَيْ نَظِيفٌ، وَهُنَا مَعْنَاهُ طَهِّرْ قَلْبِي، وَمَعْنَى
الْهَرَمِ كِبَرُ السِّنِّ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي
الْمُصَنَّفِ وَابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُما عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا
أَنْ تَقُولَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ
عَاجِلِهِ وَءَاجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ
بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَءَاجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ
وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِمَّا سَأَلَكَ
عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِمَّا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ
وَنَبِيُّكَ، وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ
أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ
قَوْلِ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ
لِي خَيْرًا". وَالْقَضَاءُ مَعْنَاهُ الْخَلْقُ وَلَيْسَ قَضَاءُ اللهِ
تَعَالَى حَادِثًا وَإِنَّمَا نَقُولُ تَخْلِيقُ اللهِ أَزَلِيٌّ
وَالْمَخْلُوقُ حَادِثٌ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ زَيْدِ
بنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لاَ أَقُولُ لَكُمْ إِلاَّ مَا
كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، وَدُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ،
وَنَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَقَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ".
وَرَوَى أَبُو
دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ كَعْبِ بنِ
عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ
مِنَ الْهَرَمِ وَالتَّرَدِّي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَمِّ وَالْغَرَقِ
وَالْحَرِيقِ وَالْهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي
الشَّيْطَانُ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا،
وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا".َمَعْنَى الْهَرَمِ كِبَرُ
السِّنِّ، وَالتَّرَدِّي السُّقُوطُ مِنْ أَعْلَى، وَمَعْنَى الْهَدْمِ
أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ الدَّارُ مَثَلاً، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ
يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ أَيْ أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَمَسَّنِي
الشَّيْطَانُ بِأَذًى، مُدْبِرًا أَيْ فَارًّا مِنَ الزَّحْفِ، لَدِيغًا
أَيْ بِلَدْغَةِ عَقْرَبٍ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ
جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ
فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا
وَالْمَمَاتِ".
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ
وَغَيْرُهُمَا عَنْ قُطْبَةَ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَؤُلاَءِ
الْكَلِمَاتِ: "اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي مُنْكَرَاتِ الأَخْلاَقِ
وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ وَالأَدْوَاءِ". وَالأَدْوَاءُ جَمْعُ دَاءٍ
وَهُوَ الْمَرَضُ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ
وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ
عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا
وَالْمَمَاتِ". وَفِي رِوَايَةٍ: "وَضِلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ
الرِّجَالِ". وَمَعْنَى ضِلَعِ الدَّيْنِ أَيْ شِدَّتِهِ وَثِقَلِ
حَمْلِهِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي،
قَالَ: "قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ
عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ
وَشَتَّى الأَسْقَامِ". الْبَرَصُ دَاءٌ جِلْدِيٌّ مَعْرُوفٌ،
وَالْجُذَامُ مَرَضٌ يَقْطَعُ اللَّحْمَ وَيُسْقِطُهُ. وَشَتَّى
الأَسْقَامِ أَيْ مُخْتَلَفِ الأَمْرَاضِ.
بَابٌ فِي كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ
رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ قَالَ:
"سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ
أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ".
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ
وَالْحَاكِمُ عَنْ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ
سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ
أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ،
فَقَالَهَا فِي مَجْلِسِ ذِكْرٍ كَانَتْ كَالطَّابَعِ يُطْبَعُ عَلَيْهَا،
وَمَنْ قَالَهَا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ ذِكْرٍ كَانَتْ كَفَّارَةً".
كَالطَّابَعِ يُطْبَعُ عَلَيْهَا أَيْ كَالْخَتْمِ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ للهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ
أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وَيَقُولُ يَهْدِيكُمُ اللهُ
وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ".
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ دُخُولِ السُّوقِ
رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ
عَنْ عُمَرَ بنِِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ فِي سُوقٍ مَنْ هَذِهِ
الأَسْوَاقِ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ
الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ
بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ، كَتَبَ اللهُ عَزَّ
وَجَلَّ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ
سَيِّئَةٍ، وَبَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ".
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ صِيَاحَ الدِّيكِ
وَنَهِيقَ الْحِمَارِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الدِّيَكَةَ تَصِيحُ
بِاللَّيْلِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا فَاسْأَلُوا اللهَ تَعَالَى مِنْ
فَضْلِهِ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَإِنَّهَا رَأَتْ
شَيْطَانًا فَاسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ".
بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ بِالشَّهَادَةِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ
سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ سَأَلَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ الشَّهَادَةَ
صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ بَلَّغَهُ اللهُ تَعَالَى مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ
وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ".
بَابُ فِي النَّهْيِ عَنِ الدُّعَاءِ بِالْبَلاَءِ
رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: عَادَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً قَدْ
صَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ فَقَالَ لَهُ: "هَلْ كُنْتَ تَدْعُو اللهَ بِشَىءٍ
وَتَسْأَلُهُ إِيَّاهُ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كُنْتُ أَقُولُ:
اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي
الدُّنْيَا، فَقَالَ: "سُبْحَانَ اللهِ لاَ تَسْتَطِيعُهُ لَوْ قُلْتَ:
﴿رَبَّنَا ءاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً
وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَة وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: »دَخَلَ عَلِيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ وَأَنَا أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَجَلِي
قَدْ حَضَرَ فَأَرِحْنِي، وَإِنْ كَانَ ءَاجِلاً فَارْفَعْنِي، وَإِنْ
كَانَ بَلاَءً فَصَبِّرْنِي، فَقَالَ: "مَا قُلْتَ؟" فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ
فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ عَافِهِ أَوِ اشْفِهِ". فَمَا
اشْتَكَيْتُ ذَلِكَ الْوَجَعَ بَعْدُ«.
بَابُ مَا يُقَولُ عِنْدَ غَلْقِ الأَبْوَابِ
وَإِيكَاءِ السِّقَاءِ وَتَخْمِيرِ الآنِيَةِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ
اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ
فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ
فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا
الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ
بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ،
وَخَمِّرُوا ءَانِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرِضُوا
عَلَيْهِ شَيْئًا، وَاطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ". تَخْمِيرُ الآنِيَةِ أَيْ
تَغْطِيَتُهَا، جُنْحُ اللَّيْلِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا ظَلاَمُهُ
وَاخْتِلاَطُهُ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ أَيْ امْنَعُوهُمْ، فَخَلُّوهُمْ
أَيِ اتْرُكُوهُمْ، اطْلِقُوهُمْ. التَّخْمِيرُ التَّغْطِيَةُ، يُقَالُ
خَمِّرْ إِنَاءَكَ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: "غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ فَإِنَّ فِي
السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ
عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٌ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلاَّ نَزَلَ
فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ". السِّقَاءُ يَكُونُ لِلَّبَنِ وَالْمَاءِ،
وَالْقُرْبَةُ تَكُونُ لِلْمَاءِ خَاصَّةً، الْوِكَاءٌ هُوَ الْخَيْطُ
الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْكِيسُ أَوِ الْحَبْلُ الَّذِي يُسَدُّ بِهِ رَأْسُ
الْقُرْبَةِ.